كيف تتعافى لغة الأديب من الأخطاءِ والصياغة العليلة

الثورة أون لاين – هفاف ميهوب:

هناك أعمال أدبية ، تُشعرنا ومنذ بداية صفحاتها بانجذاب كبير لقراءتها ، وببراعة الكاتب في اختيار مضامين تلفتنا بتميز ما تتناوله وترتقي بصياغتها ولغتها.. هناك أعمال أخرى ، سرعان ما نتأفف من مضامينها العليلة ، ومن الأخطاء التي فيها وتجعلنا نشيح ونحن نشعر بالغضب ، ممن يشوهون لغتنا الجميلة.
للأسف ، لقد باتت هذه الأعمال في تزايد يحتاج إلى الحدِّ من انتشاره وخطورته ، وفي الوقت الذي قلّت فيه أو غيِّبت ، الأعمال التي ترتقي بالمجتمع وأبناء ثقافته..
إنها ظاهرة ، قال بعض الكتَّاب والشعراء والناشرين عن تفاقمها ، مثلما – عن السبيل لتقديم الأعمال التي ترتقي بمضمونها ولغتها – :

هادي دانيال : شاعر وناشر
“لابُدّ مِن عودة.. سلطة الغربال الأكاديمي”


إذا اتّفَقْنا بأنّ أسباب هذه الظاهرة ، هي الفوضى الشاملة التي تشهدها مجتمعاتنا العربيّة في جميع المجالات ، وبينها المجال الثقافي بِبُعْدِه الإبداعي خاصّة ، في ظلّ سيادة القِيَم الاستهلاكيّة وغياب السلطة النّقديّة ، وتحكّم السياسة الثقافية الخليجيّة بتوجيه المشهد الثقافي العربي ، من خلال إغراءات الجوائز ومكافآت الاستكتاب المالية ، وفق استراتيجية تلك السياسة الرامية إلى تدمير المعرفي والجمالي ، نجد أنفسنا بمواجهة تسونامي “الأعمال الأدبيّة ذات المضامين التافهة واللغة الركيكة والعليلة” التي جرفت “الأعمال المبدعة” من المشهد ، بانصياع المبدعين للسياسة الخليجية من جهة ، وببروز متطفّلين على الإبداع ، يراهن إنتاجهم على أسواق الاستهلاك المحلّية مِن خلال تقديم أعمال رأسمالها الوحيد ، توظيف المكبوت الجنسي والسياسي والديني لديهم ، ولدى القراء المُفْترَضين الذين تتوجّه إليهم هذه الأعمال التي يفتقد منتجوها المسْك بناصية اللغة، والقدرة على البناء الجمالي ، ناهيك عن التجربة المعرفية .
لمواجهة هذه الحال المزرية ، لابُدّ مِن عودة سلطة الغربال النقدي التي تؤكّد أوّلاً ، على أنّ لا إبداع بأيّ لغة قبل حِذْقِها . هذا الغربال الذي يجب أن يكون بين أيدي نقّاد مُسلّحين بذائقة جمالية عالية ، ومعرفة عميقة ليس فقط باللغة والمناهج النقديّة الأكاديميّة ، بل أيضاً بالشروط الجمالية لتحقّق النصّ الشعري أو السردي ، وأيضا بالشجاعة والنزاهة التي تترفّع عن المجاملات تحت أي ضغط ترهيبي أو ترغيبي ، ويجب أن تتوفّر المنابر والمنصّات النقديّة كالمجلات الأسبوعية والشهرية والفصليّة لهؤلاء النقاد تحديداً ، خاصّة وأنّه بات يعترضنا وجود جَهَلة لا يفرّقون بين التاء المربوطة والتاء المفتوحة على رأس المنابر الثقافيّة ، ومنها المجلّات المختصة بالشأن الثقافي والإبداعي في هذا البلد أو ذاك .
على هؤلاء النّقاد استخدام سلطتهم ، لدعمِ حريّة المُبْدِع في اختراق هذا الثالوث أفقياً وإبداعياً ، وعبر توظيف هذا الاختراق بالضوابط الجمالية المشار إليها آنفاً ، وتشجيع المبدع على ابتكار أساليب جديدة ، نهدم بها تقليداً بمضامين تقليديّة محافظة ، لهدف بناء صرح جماليّ بديل ذي مضامين إنسانيّة تقدّميّة ، لا لهدف الهدْم العدَمي أو الرامي إلى جَعْلنا إبداعيّا في مهبّ الهباء والفراغ ، وتأبيد التبعيّة اللذين ترمي إليهما السياسة الثقافية الخليجيّة التي تشجّع على الرداءة وتلجم حريّة المبدع .

 أكثم علي ديب : كاتب وشاعر
“بالبحث عن القارئ الجيد، مثلما الكاتب الجيد”


الأدب إحساس ، وعلى الأديب أو الشاعر أن يقود كل شيء ، أن يقود إحساسه وخياله ، بمعنى يوجههما ، وبمقدار مايملك من مخزون لغوي ولفظي وتركيبي ، بقدر ما يستطيع توجيه وقيادة هذه اللغة ، لخدمة مايراد قوله وتوصيله من خلال الأفكار والطروحات .
للأسف ، مشكلة هذا الزمن أنه عدمي ، والقراء مثلما الكتّاب ، يستعذبون قراءة وكتابة السهل والغث والمستهلك السطحي .
هناك احتضار وموت للأدب وكاتبه وقارئه ، وجميعنا نتحمل المسؤولية ، وإن مات الأدب ، مات الفن والإنسان روحياً وعقلياً ، بل وماتت الأوطان .
كي لايحصل هذا ، علينا أن نبحث عن القارئ الجيد ، مثلما الكاتب الجيد لكي نرتقي ونتخلص من العاهات اللغوية والإبداعية عمومياً .

رنا محمد : كاتبة في أدب الأطفال
“علينا أن نساهم.. في انتشار النصّ المبدع”


أعتقد أن سبب كثرة النصوص التافهة بلغتها الركيكة ، هو سهولة النشر بالدرجة الأولى ، فوجود الفيسبوك وكافة وسائل التواصل الاجتماعي ، ساعدت على الانتشار السريع لكلِّ شيء .
للأسف ، هناك من يعبث بذائقة الجماهير ، ويساهم بنشر النص الرديء على حساب النص الجيد لمصالح شخصية بعيدة عن الأدب والفن . الناس عموماً تتبع الموضة ، وهناك من يسعى ليجعل من النص الرديء موضة .
أيضاً ، سهولة منح الألقاب التي ساعدت وسائل التواصل على منحها ، فقد بات كل من يكتب بعض الكلمات يسمِّيها قصيدة ويذيلها باسمه كشاعر ، وكلّ من خطَّ سطراً يسمِّي نفسه أديباً وقاصاً ، وكلّ من كتب بوستاً على الفيسبوك يعتبر نفسه إعلامياً .
المشكلة أن صفحات الفيسبوك تمنح شهادات الدكتوراه، والمشكلة الأكبر أن صاحبها يصدق ويبدأ اسمه بالدكتور الفلاني ، والطامة الكبرى أن الناس تصدق .
حتماً، ليس بالضرورة أن يكون الشخص المشهور هو شخص مبدع ، والنص المبدع يختلف تماماً عن النص المنتشر ، والأفضل أن نساهم في انتشار النص المبدع ، لنرقى بما يليق بثقافتنا ولغتنا بعيداً عن الابتذال والرخيص .
الفيسبوك (ذاك السلاح ذو الحدين) ساهم في خلط الأوراق والمفاهيم ، وساهم إلى حدٍّ ما ، في تضييع هوية النص المبدع الحقيقي ، وفي الوقت نفسه له الفضل في إظهار أسماء مهمة في مجال الأدب والفن ، ربما لولاها لما كان لنا أن نقرأ لها ونعرفها.
خلاصنا من هذه الظاهرة ، برؤية كل شيء على حقيقته بعيداً عن الاعتبارات الشخصية والموضة التي تحكم كل ما يحيط بنا ، بدءاً من الأدب وانتهاء بما تريدين .
أما عن السبيل لتقديم نص أدبي حقيقي ، فبالبحث عنه فعلاً ومساعدته على الانتشار بعيداً عن المعارف والمحسوبيات التي تحكم جميع الأوساط في مجتمعنا ، ومن ضمنها النشر والثقافة…
النص الحقيقي ، هو الخارج من المجتمع والعائد إليه ، النص المتحدث بلغة الناس بعيداً عن التصنع والتكلف والمفردات الفضفاضة ، والداعي للخير بعيداً عن القتل والعنف .
الحل بتقديم نص بديل للنص السيء ، وحلول للواقع القبيح ، إعطاء الجميع حقهم الطبيعي بالانتشار ، وإذا كان لابد من الترويج فليكن للفكرة الخيرة والنص الجميل .

 شذا نصار : كاتبة وفنانة تشكيلية
“بإنصافِ المبدع الحقيقي.. وتقديمه وقراءته”


حتى الكلمة دخلت دوامة الفوضى ..كنا نشعرها تفتقد القدرة على أن تتحرر ، فوجدناها زوبعة في فنجان التواصل الالكتروني ..
كلٌ يقول كلمته ، والجميع يلقون بدلوهم ، ويعبِّرُ المتلقي عن إعجابه بها ، عبر لمسِ زرٍ ينقل تفاعله معها ، ويعلق بحريةِ من لا رقيب عليه ، على مضمونها .
جمل وعباراتٌ لا رباط عليها ، لا تأسرها قواعد لغوية ، ولا يشعر كاتبها بأن أكثر ما يعيبها إغراقها بالعامية والأخطاء اللغوية .
لقد دخلت الأحرف سوق عكاظٍ الكترونية ، روادها هواة ٌومرتزقة وصائدو المناسبات وشعراء اللحظة ..
جملٌ من التاريخ ، وأخرى مستوردة ..صرخة تستنهض الماضي ، وعويلٌ يبكي الحاضر .. من نبش الماضي صُعق لزيفه ، ومن تطلع إلى مستقبلٍ أحبطه الواقع .. بين هذا وذاك ، حلَّ الصمت حكمة ، وتوِّج الغباء ملكاً .
الحل ، بالرقابة الثقافية والأدبية واللغوية ، غير المنحازة إلا للكلمة والأعمال الحقيقية.. بإنصاف المبدع الحقيقي، وتسهيل ظهوره وقراءته .

آخر الأخبار
"ذاكرة اعتقال"..  حلب تُحيي ذاكرة السجون وتستحضر وجع المعتقلين "صندوق التنمية السوري".. خطوة مباركة لنهوض سوريا على كل الصعد من الجباية إلى الشراكة.. إصلاح ضريبي يفتح باب التحول الاقتصادي فضيحة الشهادات الجامعية المزورة.. انعكاسات مدوية على مستقبل التعليم   أزمة إدارية ومالية.. محافظ السويداء يوضح بشفافية ملابسات تأخير صرف الرواتب "صندوق التنمية السوري".. إرادة وطن تُترجم إلى فعل حين تُزوّر الشهادة الجامعية.. أي مستقبل نرجو؟ جامعة خاصة تمنح شهادات مزورة لمتنفذين وتجار مخدرات  وزير الاقتصاد: ما تحقق في"دمشق الدولي" بداية جديدة من العمل الجاد "اتحاد غرف التجارة الأردنية" يبحث تطوير التعاون التجاري في درعا تفعيل دور  الكوادر الصحية بالقنيطرة في التوعية المجتمعية "المرصد السوري لحقوق الإنسان" يقطع رأس الحقيقة ويعلقه على حبال التضليل حملة فبركات ممنهجة تستهدف مؤسسات الدولة السورية.. روايات زائفة ومحاولات لإثارة الفتنة مع اقتراب العام الدراسي الجديد...  شكاوى بدرعا من ارتفاع أسعار المستلزمات المدرسية  برامج تدريبية جديدة في قطاع السياحة والفندقة إلغاء "قيصر".. بين تبدل أولويات واشنطن وإعادة التموضع في الشرق الأوسط دعم مصر لسوريا..  رفض الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي السورية  تطوير التشريعات والقوانين لتنفيذ اتفاقيات معرض دمشق الدولي أزمة المياه تتجاوز حدود سوريا لتشكل تحدياً إقليمياً وأمنياً "كهرباء القنيطرة": الحفاظ على جاهزية الشبكة واستقرار التغذية للمشتركين جهود لإعادة تأهيل مستشفيي المليحة وكفربطنا