الثورة أون لاين – يمن سليمان عباس:
في القصص التي كانوا يروونها لنا ونحن صغار ثم قرأناها فيما بعد في القصص المطبوعة أن والياً لمدينة ما أراد أن يختبر عزم وإرادة الشباب في مسابقة ما،
أعلن عن المسابقة وكان لا بد لمن يأتي إليها أن يعبر درباً وضعت صخرة كبيرة وسطها بحيث تعوق الحركة ولكن يمكن لأي شاب أن يزحزحها من مكانها لتركن جانباً.
مر العشرات منهم دون أن يفعلوا والوالي يراقب الأمر من بعيد.. وحده شاب فعل ذلك .. حرك الصخرة وركنها قرب زاوية لا تعوق الحركة.
فكان الفائز في المسابقة دون سؤال.. وفي هذا السياق ثمة أمثال شعبية كثيرة تدل على ضرورة الفعل قبل القول.. في الشعر والحياة أيضاً وغير ذلك كثير.
اليوم مع انتشار مواقع التواصل الاجتماعي وجلسات الدردشة التي تصل إلى ساعات وساعات تقرأ على صفحات الأصدقاء والمعارف وغيرهم الكثير من النصائح والحكم والدعوة إلى الصبر والعمل والتحلي بالقيم والأخلاق وغير هذا، تبحر قليلاً فيما تقرأ فتظن نفسك في مجتمع لا تشوبه شائبة ولا شيء فيه غير العمل والأمل وكأننا بجمهورية أفلاطون نعيش رخاء الأيام بما أنجزنا ولم يبق شيء يمكن أن نفعله.
مع أن مثل هذا المجتمع المثالي ولو كان موجوداً افتراضياً فهو ليس جميلاً ولا معنى له، مجتمع بلا طعم العمل والعرق والكدح والفعل الخصب ليس مجتمعاً ذا معنى فلا قيمة لأي شيء تحصل عليه دون بذل مجهود.
وهذا لا يعني أننا نسوغ اللهاث حد الأعياء كما يحصل معنا.
لا .. إنما الأمر بإنجاز الفعل الذي يرتب لنا أن نجد وقتاً كافياً للسفر، للتنزه، للراحة، للقراءة، لإنجاز أشياء جميلة.
أما ما نراه اليوم ونتابعه ليس فقاعات ممن يلبسون قفازات الوعظ الأزرق من وراء المحمول أو شاشات الكمبيوتر.
كلنا ننصح كلنا ونشكو القلة والحاجة ولا نتردد في النسخ واللصق لأي إشاعة أو موقف ما يحمل في طياته السم الزعاف.
لقد غدت مثل هذه الفقاعات طوفاناً يحمل معه الجمود الحياتي والعقلي ويدل على أن الكثيرين منا مصابون بفصام حقيقي.
ولكن ثمة من يعملون بصمت دون ضجيج لإنجاز عملهم، هؤلاء من يعطون معنى للحياة هل نعدد الكثير منهم..؟
دون شك تعرفون أن ذلك يبدأ من الأم إلى الأب إلى العامل والفلاح والجندي البطل إلى كل خلية تعمل لأجل البناء.
وحدهم من لم يتذوقوا طعم الإنجاز وهم مستهلكون لكل شيء يلوكون حتى الثرثرة ويجترونها يدفعون فقاعات يظن أنها فلسفة الزمن لكنها حقيقة ليست إلا خواء لا قيمة له صار مكشوفاً ومفضوحاً تجاوزه الزمن والأثر الباقي والخالد من تقول أفعاله هذا ما كان.