الثورة أون لاين – ترجمة: ميساء وسوف:
بعد أن تم الإعلان عن فوز جو بايدن في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، أسرع العديد من قادة القوى الكبرى في جميع أنحاء العالم بإرسال تهنئتهم للرئيس الأمريكي الجديد بما في ذلك قادة الاتحاد الأوروبي والهند، ويعتقد الكثير من الخبراء والمحللين أن التغيير الذي قد يجلبه بايدن على العلاقات الدولية سيؤثر بالتأكيد على علاقات الصين مع الآخرين، لكن “لا داعٍ للقلق”.
بالنسبة إلى الاتحاد الأوروبي، تتوقع معظم الدول أن يقوم بايدن بإصلاح الأضرار التي تسبب فيها دونالد ترامب بالتحالف عبر الأطلسي، وسيواصل بايدن تحدي سيادة الصين في بحر الصين الجنوبي واستخدام الهند لاحتواء الصين .
قال محللون صينيون إن قدرة الصين على مواجهة التحديات الجديدة يعتمد على صبرها ودبلوماسيتها، وفي بعض المجالات، من المتوقع أن يُجري بايدن بعض التغييرات التي قد تصب في مصلحة الصين.
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قال في تغريدة له إن “الأمريكيين اختاروا رئيسهم، لدينا الكثير لنفعله للتغلب على تحديات اليوم، فلنعمل معاً!”.
يقول” كوي هونغجيان ” مدير قسم الدراسات الأوروبية في معهد الصين للدراسات الدولية: ” ردود الفعل هذه لا تعني بالضرورة مدى حب زعماء أوروبا لبايدن، ولكنها تعكس أن أعضاء الاتحاد الأوروبي لا يمكنهم تحمّل إدارة ترامب بعد الآن “.
وأشار “كوي” إلى أن ما يمكن أن يفعله بايدن لإصلاح العلاقات عبر الأطلسي لم يتضح بعد، وأن أعضاء الاتحاد الأوروبي في الواقع لديهم تفاؤل حذر.
يقول “لو شيانغ”، زميل أبحاث في الدراسات الأمريكية في الأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية في بكين، إنه بعد تولي بايدن منصبه رسمياً، لن يكون السؤال هو ما إذا كان لدى الولايات المتحدة أي مطالب جديدة من الاتحاد الأوروبي، ولكن إلى أي مدى ” يمكن إجراء تغييرات أو تنازلات لتلبية مطالب الاتحاد الأوروبي “.
والآن ومع وجود مجتمع أمريكي محافظ بشكل متزايد، وهو ما كان واضحاً في التصويت أثناء الانتخابات الأمريكية، ستجد الإدارة الأمريكية الجديدة صعوبة بالغة في إجراء تعديلات كاملة لإلغاء جميع السياسات التي تم تبنيها خلال فترة رئاسة ترامب، حسبما قال “لو” لصحيفة غلوبال تايمز .
كما صرح “جين كانرونج”، العميد المشارك لكلية الدراسات الدولية بجامعة رينمين الصينية في بكين أن استعادة العلاقات بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لا تتعارض مع تطور العلاقات بين الصين والاتحاد الأوروبي، فالصين ترحب بوجود علاقة مستقرة بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، ولكن إذا توصل الطرفان إلى أرضية مشتركة لاحتواء الصين، فإن بكين سترد بالتأكيد.
وقال” جين” إن التأثير الذي يمكن أن تحدثه الإدارة الأمريكية الجديدة على العلاقات بين الصين والاتحاد الأوروبي يعتمد على رباطة الجأش وصنع السياسات المستقلة لزعماء الاتحاد الأوروبي.
وبحسب وكالة أنباء شينخوا، قال الرئيس الصيني “شي جين بينغ” عبر الفيديو في حفل افتتاح معرض الصين الدولي الثالث للاستيراد، إن الصين ستسرّع المفاوضات بشأن معاهدة الاستثمار بين الصين والاتحاد الأوروبي.
يضيف ” كوي” إن معاهدة الاستثمار بين الصين والاتحاد الأوروبي تتأثر إلى حد كبير بالمرحلة الثانية من اتفاق التجارة بين الصين والولايات المتحدة لأنها تغطي قضايا مماثلة مثل الإعانات المقدمة للشركات المملوكة للدولة، لذلك سينتظر الاتحاد الأوروبي ويرى ما ستفعله إدارة بايدن لإصلاح العلاقات التجارية بين واشنطن ودول الاتحاد الأوروبي من جهة، وبينها وبين الصين من جهة أخرى.
وأشار” كوي” إلى أنه من الواضح أن فوز بايدن سيجلب للاتحاد الأوروبي المزيد من النفوذ. “في الماضي تركت النزعة الأحادية والحمائية التي تبنتها إدارة ترامب الاتحاد الأوروبي مع مساحة محدودة للمساومة، ولكن بعد فوز بايدن بالرئاسة، يمكن للاتحاد الأوروبي استخدام الشروط والتسويات التي يحصل عليها كل من الولايات المتحدة والصين لخدمة مصالحه في لعبة المثلث هذه “.
وقال” كوي” إن بايدن وحزبه الديمقراطي سيكون لديهم أسس مشتركة مع القيم الغربية السائدة والأيديولوجيات السياسية، لذا سيكونون أكثر اتحاداً مما كانوا عليه في الماضي، وسيزداد الضغط على الصين.
لكن من ناحية أخرى، سيجري بايدن تغييرات إيجابية في مجالات التجارة والاقتصاد على سبيل المثال وبدون ضغوط أميركية، لحث الدول الأوروبية وبلا رحمة على حظر التعاون مع الشركات الصينية، مثل(هواوي) Huawei ، سيكون التعاون بين الصين والاتحاد الأوروبي في مجالات التكنولوجيا المتقدمة والبنية التحتية أسهل وأكثر سلاسة، كما قال المحللون.
يقول” لو” إن المملكة المتحدة، التي تلقت ضغوطاً كبيرة من الولايات المتحدة بشأن قضية هواوي، يمكن أن تفكر في إجراء بعض التعديلات على سياستها المعلنة، وستقابلها محادثات إيجابية من قبل الصين.أما فيما يتعلق بقضايا أخرى مثل إصلاح منظمة التجارة العالمية، ومحاربة كوفيد -19 في إطار منظمة الصحة العالمية وتغير المناخ، فإن الصين والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة سيعيدون التعاون والمفاوضات، ولذلك يجب على جميع القوى الكبرى التعاون للتغلب على هذه التحديات الكبيرة.
وأشار “كوي إلى أن الصين والاتحاد الأوروبي قد يطلبان من الولايات المتحدة اتخاذ إجراءات ملموسة لإصلاح الأضرار التي خلفها انسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية باريس ومن منظمة الصحة العالمية .
بصرف النظر عن أوروبا، يمكن أن يؤدي انتقال السلطة في الولايات المتحدة أيضاً إلى إحداث تغييرات في الجغرافيا السياسية في المناطق حول الصين، ويعتقد الخبراء الصينيون أن بايدن سيغير اسم “استراتيجية المحيطين الهندي والهادئ” لأن هذه الفكرة قد تم طرحها من قبل إدارة ترامب، لكن طبيعة استراتيجية الولايات المتحدة لاستخدام شركائها وحلفائها في آسيا لاحتواء الصين لن تتغير كثيراً.
وأشار “جين” إلى أن بايدن قد يعود إلى النهج الذي استخدمته إدارة أوباما، وهو استخدام دول في المنطقة، مثل الفلبين وفيتنام للضغط على الصين، ولكن مدى نجاحه في هذا الأمر إنما يعتمد على العلاقات التي تربط الصين بدول الآسيان ( رابطة دول جنوب شرق آسيا) في المنطقة.
وأضاف أنه طالما أن الصين لا تتنمر ولا تهدد أياً من هذه الدول الإقليمية، بالإضافة إلى أنها تواصل التفاوض بشأن نزاعات السيادة، وتعزيز التعاون البراغماتي والمساعدات الاقتصادية، فإن الولايات المتحدة ليس لديها الأسس لقلب علاقات هذه الدول مع الصين، فواشنطن لن تستطيع أن تخدع دول المنطقة بعد الآن.
المصدر Global Times