مارينا تسفيتاييفا بعض حياة وشعر

الثورة أون لاين – رشا سلوم:

يعود الأدب الروسي من جديد إلى الواجهة ترجمة ومراجعة وقدرة على اكتشاف الكنوز المخبأة منه، لأنه ببساطة أدب عالمي، إنساني حقيقي، يغوص في المجتمع والحياة ويعرف كيف ينهض بالمجتمع، جديد النشر في سورية كما علمتنا دار التكوين أن تقدم كل جديد يحمل بصمة إبداعية، أصدرت منذ فترة قصيرة كتاب: بعض حياة وشعر، للشاعرة مارينا تسفيتا يفيا، وهو من من ترجمة وتقديم الدكتور : نوفل نيوف، الذي قدم للمكتبة العربية عشرات الكتب المهمة، ترجمة وتأليفاً، الكتاب يقدم دراسة مهمة عن حياة الشاعرة ويختار من أشعارها الكثير، ولا بد من الإشارة إلى أن موقع جهات الشعر، قد احتفى بالشاعرة العالمية، وقدم ملفاً مهماً عنها، كتب فيه الناقد اللبناني اسكندر حبش، وغيره مجموعة مواد مهمة، يقول اسكندر حبش عن الشاعرة الراحلة:
مارينا تسفيتاييفا، قدر لبعض الشعراء في حياتهم، أن يعيشوا في الهامش، أن لا تُقرأ قصائدهم وأن تبقى مجهولة، إلى أن تجيء لحظة، يُكتشفون فيها من جديد، أو بالأحرى، يولدون فيها من جديد، وتكون هذه اللحظة، لحظة اكتشاف عالمين شعري وحياتي غنيّة بالتناقضات والتفاصيل والدهشة، فهل هذا هو قدر كبار الشعراء؟
في صيف العام ،١٩٤١ وفي إحدى مدن “تاتاري”، كانت امرأة محطمة، تبحث بشتى الوسائل عن وظيفة لتكسب منها قوتها، إذ بعد أن عملت كمساعدة خادمة لفترة قصيرة، توسلت العمل مكان فتاة تركت عملها في إحدى المستشفيات، لكنها جوبهت بالرفض، مثلما جوبهت، حين ألحت على استخدامها كغاسلة أطباق في أحد المطاعم، إزاء ذلك، ما كان منها إلا أن شنقت نفسها، كانت في التاسعة والأربعين من العمر، وكان اسمها مارينا تسفيتاييفا، كانت واحدة من أكبر الشعراء الذين عرفتهم روسيا في تاريخها.
في ربيع العام ،١٩٨٤ وبعد مراسم جنازة متواضعة في مقبرة صغيرة في مدينة “شامبري” الفرنسية، قرأ بعض الأصدقاء، قصائد مارينا تسفيتاييفا بالفرنسية، هذه القصائد، قامت بترجمتها عن الروسية، تلك المرأة التي كانت دفنت لتوها، عمرها ٣٩ عاماً، وهي في بعض تفاصيل حياتها، تشبه الشاعرة الروسية، تدعى ايف مالوريه، وهذه الترجمات، هي الشيء الوحيد، الذي فعلته، لتعرّف بمغالاة واندفاع حقيقيين عبقرية هذه الكاتبة، التي كانت مجهولة في فرنسا وأوروبا في تلك الفترة، كانت تلك الترجمات، أولى قصائد تسفيتاييفا التي تترجم إلى لغة أخرى.
انتحار مأساوي
ولدت مارينا تسفيتاييفا العام ١٨٩٢ في عائلة مثقفة موسكوبية، كان والدها أستاذاً لتاريخ الفن في جامعة موسكو (وفي رواية أخرى، كان كاهنا أرثوذكسيا)، وتميّزت عن باقي أفراد هذه الأسرة، بنضج موهبتها الشعرية، إذ بدأت الكتابة وهي في السادسة من عمرها، ونشرت ديوانها الأول، وهي في السادسة عشرة، عرف عنها، ثورتها على التقاليد الامتثالية، فعاشرت في الثامنة عشرة، فتاة سحاقية شهيرة، ولتزيد في كيد أهلها ولتصدمهم، وخاصة أنها ابنة أرثوذكسي معادٍ لليهود، تزوجت من حفيد أحد الحاخامات، كذلك دفعها ميلها، الذي لا يكل، للتحدي، إلى “عبادة” نابليون، كما قادها هذا الأمر إلى معارضة عنيفة، شغوفة لثورة تشرين ، غنّت الجيش الأبيض “في قفزة بائسة ضد التاريخ وضد الحياة”. ومع ذلك، فإن منشورات الدولة في تلك الفترة، نشرت لها كتابين.

في العام ،١٩٢٢ هاجرت مع ابنتها لتلتحق بزوجها الذي كان ضابطاً سابقاً في الجيش الأبيض، فعاشت في برلين ومن ثم براغ، وفرنسا أخيراً، لكن سرعان ما تدهورت علاقتها بالمهاجرين البيض، حتى انقطعت كلياً، عاشت في بؤس كليّ، وانشغلت كثيراً بالجوانب المادية للوجود، وقد كتبت الكثير لكنها لم تنشر إلا القليل، ولم ينشر لها المهاجرون البيض أي كتاب بعد العام ،١٩٢٨ وتحت وطأة الحاجة، أصبح زوجها مخبراً للمخابرات السوفياتية، واحترز منها، المهاجرون، زيادة، وحين عادت إلى وطنها، العام ١٩٤٠ بعد “حرب الجلاء” النازي، ومع صعود الفاشية، كتبت سلسلة من الأشعار أهدتها إلى تشيكوسلوفاكيا، تهاجم فيها الهتلرية بقوة، قتل زوجها رمياً بالرصاص، نفيت ابنتها، فوجدت نفسها وحيدة، معوزة، رازحة تحت اليأس المطلق، وتحت الألم والحرمان، فانتحرت في ٣١ آب ١٩٤١.
رسالة انتحار
وكانت قد تركت رسالتها الأخيرة: “عزيزي نيكولاي نيكولايفِتش!..أخواتي العزيزات سينياكوفا!..أتوسّل إليكم أن تأخذوا مور إليكم في تشيستوبل، اتّخذوه ابناً لكم ـ ولْيتعلّمْ، لم أعد أستطيع أن أفعل له أيّ شيء، إني أُهلِكه لا غير، يوجد في حقيبتي 150 روبلاً، وإذا أمكنكم بيعوا أغراضي كلّها، في الصندوق الصغير عدد من مخطوطاتي الشعرية ورزمة من كتاباتي النثرية، أعهد بها إليكم، اهتمّوا بمور الغالي، إن صحَّته هشّة للغاية، أحبّوه مثلَ ابنٍ لكم، فهو يستحق. سامِحوني، لم أتحمّل، لا تتخلّوا عنه أبداً، سأكون سعيدة حتّى الجنون إذا عاش عندكم، لا تتركوه”.
ثمّ اختارت قطعة حبل مما كانت تحزم به أغراضها وعقَدتْها أنشوطة، وعلّقت خرقة تستر بها كوّة في الجدار، ثم أُقدمت على الانتحار وكأنه أمرٌ إلهيّ.

عاد الجيران فرأوا مارينا مشنوقة وقدَماها تكادان تلامسان الأرض، وحين عاد مور لم يُسمح له بالدخول ومشاهدة المنظر الرهيب، كانت الشرطة في المكان، وكان الطبيب الشرعي قد أكّد واقعة الوفاة، وقد شَيّع الجيرانُ وعدد قليل من الناس جثمان مارينا تسفيتاييفا إلى مثواه الأخير.

لم يُلقِ أحدٌ عليه كلمة وداع، لم تنشر أيّ جريدة خبر وفاتها، لم توضَع شاهدة قبر تحمل اسمها وتاريخ الولادة والوفاة، لم يسوَّر القبرُ بحجر أو خشب أو علامات، لم يبقَ من أثر للشاعرة مارينا تسفيتاييفا إلا ما خلّفته من كتب ومخطوطات ويوميات.

من قصائدها:

 فسيان لديها القصور أو أكواخ الفلاحين
سيان لديها جنكيز خان أو القوم الرحل
ثمة عدوان لي في الدنيا
ملتحمان بلا انفصام كتوأمين
جوع الجائعين
وتخمة المتخمين
أشعاري التي كتبتها باكراً جداً
لدرجة لم أكن أعرف أنني شاعرة
التي خرجت كما الرذاذ من النافورة
كما الصواريخ الشرارة
التي اندفعت كما الشياطين الصغيرة
إلى المنارة .. حيث الحلم والبخور
أشعاري عن الفتوة والموت
أشعاري التي لم تقرأ
أشعاري المبعثرة فوق الغبار في المكتبات
حيث لا أحد اشتراها ولن يشتريها

آخر الأخبار
تشكل محطةً فارقةً في مسار العلاقات .. الشيباني يصل إلى واشنطن في زيارة رسمية وصول أول باخرة تحمل 50 ألف طن من الأرز قادمة من الصين.  بدعم أردني – أميركي.. الخارجية تعلن خريطة طريق شاملة لإعادة الاستقرار إلى السويداء  "نحو إنتاج زراعي اقتصادي".. في ورشة عمل بحمص  زيارة ميدانية ودعم لاتحاد الشرطة الرياضي  سوق المدينة يعود إلى " ضهرة عواد " بحلب  "وجهتك الأكاديمية" في جامعة اللاذقية.. حضور طلابي لافت وفد سعودي في محافظة دمشق لبحث فرص الاستثمار بتخفيضات تصل إلى 50 بالمئة.. افتتاح معرض "العودة إلى المدارس " باللاذقية أردوغان: ملتزمون بدعم وحدة واستقرار سوريا  الذهب يواصل ارتفاعه محلياً وعالمياً والأونصة تسجل 42.550 مليون ليرة سوريا: مستعدون للتعاون مع "الطاقة الذرية" لمعالجة الملفات العالقة التأمين الصحي.. وعود على الورق ومعاناة على الأرض "تجارة ريف دمشق" تبحث مع شركة تركية توفير الأدوية البيطرية   قرار ينصف المكتتبين على مشاريع الإسكان مراقبون تموينيون جدد .. قريباً إلى الأسواق  جاليتنا في "ميشيغن" تبحث مع نائب أميركي الآثار الإنسانية للعقوبات  "الشيباني والصفدي وباراك" يعلِنون من دمشق خطة شاملة لإنهاء أزمة السويداء 4 آلاف طن  إنتاج القنيطرة من التين خطاب يناقش مع لجنة التحقيق بأحداث السويداء المعوقات والحلول