الملحق الثقافي:سلام الفاضل :
حين نتحدث عن الشباب ودورهم في بناء المجتمع، يجب أن نشير بقوة إلى ما قدمته الحركة التصحيحة ومازال مستمراً في ظل مسيرة التطوير والتحديث التي تعيشها سورية من عقدين من الزمن. لكن العدوان الخارجي أراد استهدافها، وعمل جاهداً للنيل منها، لكن الشباب الذين قال فيهم القائد المؤسس حافظ الأسد إنهم دعامة أي بناء وأي مجتمع، وهذا ما يؤكده دائماً السيد الرئيس بشار الأسد في كل خطاب أو عمل. من هنا سيكون مدخلنا للحديث عن دور الشباب وقيمهم، وهم من افتدى الوطن ارتقاء وعملاً، وبذلاً وتضحية، قيم الوفاء والنبل والوطنية.
دور الشباب
يُعدّ الشباب من أهم الفئات الاجتماعية التي يتكوّن منها المجتمع المعاصر، نظراً للأدوار الإنتاجية والخدمية والعلمية التي يؤديها، والتي لا يمكن الاستغناء عنها بأية صورة من الصور؛ إذ يؤدي الشباب أدوارهم هذه بفاعلية ونشاط وهمّة تفوق تلك التي تقوم بها الفئات الاجتماعية الأخرى.
والثقافة العربية تعرضت عبر تاريخها الطويل إلى غزو ثقافي حاول طمس الهوية الثقافية، ومحو الشخصية العربية، وتقريب الثقافة بأساليب عدة، انعكست بشكل مباشر على ثقافة الشباب، وخلقت لديه فهماً غير واضح لتاريخه وتراثه العربيين، الأمر الذي ولّد لديه صراعاً بين ثقافته العربية من جهة، وثقافة الأجنبي من جهة ثانية.
ومن المعلوم أن كثيراً من الناس اختلفوا في تعريفهم الثقافة، فالبعض أطلقها على الجانب الفكري من الحياة الجامعية، في حين أن البعض الآخر رأى أن الثقافة قد تعني التعليم، ومن ذلك وَسْمَهم الإنسان المتعلم بالإنسان المثقف. أما علماء الاجتماع، فقد عرّفوا الثقافة بأنها تشمل جميع أساليب الحياة السائدة في المجتمع، سواءً الجانب الفكري منها، أم المادي.
بيد أن الثقافة في حقيقة الأمر تنضوي على طرق الإنتاج التي تتأثر بالظروف الطبيعية لكل مجتمع، إلى جانب اشتمالها على الأساليب العلمية وغير العلمية، وأنواع المعرفة والعادات والتقاليد، ووسائل التبادل الفكري من لغة ورموز، وأصوات وأدوات مختلفة، إضافة إلى النظم العائلية والاقتصادية والسياسية والقضائية، والمعاني المختلفة والواجبات والمسؤوليات والأخلاق. ومما لا شك فيه أن لكل مجتمع ثقافته الخاصة به التي تنبع من فلسفته وطرقه ونظمه ومعاييره الاجتماعية، وسوى ذلك من أمور تميزه عن سائر المجتمعات الأخرى.
ثقافة الشباب
ولعل مصطلح ثقافة الشباب هو من المصطلحات التي ظهرت مؤخراً، والتي تعني بصورة ما مجموعة القيم والآراء والاتجاهات وأنماط السلوك التي تحظى بالموافقة والقبول من تلك الفئة الاجتماعية. ولهذا يمكن القول إن ثقافة الشباب تطورت داخل مجموعة الصداقات غير الرسمية، التي تقوم أساساً على العلاقات الاجتماعية التلقائية والأولية، وهي بمثابة وسيلة غير رسمية تحظى بالقبول العام للتنشئة الذاتية للشباب، وتستمد هذه الثقافة أسسها من مصدرين، هما: الجامعة وما يترتب عليها من إعداد الكوادر المؤهلة والكفؤة لتأخذ دورها القيادي في هيكلية الدولة، ومسايرة روح العصر الذي بات فيه العلم والتكنولوجيا هما عصب الحياة، ورائدا تقدم الأمم.
والمصدر الآخر هو المجتمع المحلي والإنساني بما يتضمنه من وسائل الإعلام الحديثة التي تعد من أهم الوسائل التربوية، حيث تقدم المواد العلمية والثقافية المتنوعة من خلال المسرح والسينما، والوسائط الإذاعية المرئية والمسموعة، والصحف والمجلات، إلى جانب ما لهذه المسائل من أثر جاذب إذ إنها تجذب الأفراد على اختلاف أعمارهم ومشاربهم وشرائحهم الاجتماعية.
الثقافة وتنمية قيم الشباب
وبناء على ما سبق يمكن القول إن للثقافة دوراً هاماً في التنمية، يجب ألا ينظر إليه على أنه دور ثانوي أو مساعد، بل ينبغي إدراك ضرورته، والنظر إليه على أنه جوهر العملية التنموية التي هي عملية تتعلق بوجود الكائن البشري، واستمراره.
فالثقافة تلعب دوراً أساسياً في التنمية الشاملة، إذ إنها تهدف بداية إلى بناء الإنسان بناء معنوياً، ثم تتفرع عن هذا الهدف سائر الأهداف الأخرى من اجتماعية واقتصادية. كما تلعب الثقافة كذلك دوراً حيوياً في حركة التغيير، وتنمية المجتمع عن طريق بناء الإنسان المدرك والواعي، إذ لا يمكن لمجتمع ما إن يتقدم اليوم، وفق مفاهيم بناء المجتمعات الحديثة، إن ظل متخلفاً عن ركب الحداثة، ولم يتمكن من استيعاب كامل العلوم والتقانات المتطورة. وهذا الأمر يتطلب، بطبيعة الحال، التفكير في المناهج الدراسية، وفي المسارات الهادفة إلى ترجمة أهداف التنمية في الدول المعنية إلى خيارات حقيقية. وهنا يأتي دور ما يسمى بالسياسة الثقافية الناتجة عن التفاعل المثمر ما بين المؤسسات الثقافية الرسمية، وغير الرسمية، المحلية والدولية، في بلورة آفاق جديدة تكون المشاركة الشعبية فيها، والشبابية تحديداً، إحدى أهم قواعدها.
التاريخ: الثلاثاء17-11-2020
رقم العدد :2021