الثورة أون لاين :نيفين أحمد
في جولة لنا الى منطقة “الحلبوني” والتي تشهد حضوراً للكتب والمكتبات و الأكثف على مستوى العاصمة دمشق والتي كانت تزين واجهات مكتباتها دوماً بأحدث اصدارات الكتب، تبين لنا خلال الجولة الكساد الواضح للكتب وغياب للعناوين الجديدة باستثناء الكتب التجارية والروايات المستهلكة مثل روايات أحلام مستغانمي وباولو كويلو ودان براون وغيرها .
المكان كان مقصداً للقراء من كل حدب لكنه أصبح أشبه بتجمع للمتاحف لاتثير سوى الغرابة كما يقول صاحب احدى دور النشر في الحلبوني، معظم المكتبات اكتفت ببيع القرطاسية وبيع كتب الابراج وهذا واقع المكتبات اليوم.
عمر النوري صاحب مكتبة النوري التي تعتبر أحد اشهر واقدم مكتبة في دمشق والتي تأسست عام 1935تحدث لنا قائلا: اكثر الكتب رواجا في هذه الفترة هي كتب الروايات علماً بأننا منذ بداية مصلحتنا في هذه المهنة والتي بدأها الوالد في بيع الجرائد والمجلات ومن ثم افتتحنا مكتبة صغيرة في منطقة المرجة ورويدا رويدا افتتحت مكتبة النوري والتي لاتزال حتى الان على الرغم من قلة اهتمام معظم الناس بالقراءة نظرا للظروف الاقتصادية والتحول الى النت للحصول على الروايات او الكتب.. يتابع النوري: كنا نبيع الكتب الدينية والتي كان الطلب عليها كثيرا أما الان فكتب الروايات الحديثة هي التي تطلب مثل دان براون اليف شافاك واحلام مستغانمي وغيرها الكثير. وتعتبر فئة الشباب طلاب الجامعات هم الاكثر شراء لنوعية هذه الكتب.
وتوقفنا ايضا عند عدد من المكتبات في منطقة الحجاز وكانت معظم الاراء بأن كتب الروايات هي الاكثر طلباً ومن فئة الشباب حصرا وبالنسبة لكتب الشعر والدراسات فهي قلة قليلة تطلبها بسبب التعلق بالروايات الحديثة ورخص ثمنها نسبة للكتب الاخرى .
ويقول صاحب مكتبة القباني والذي يعمل منذ عام 1994: الحركة بالنسبة للبيع تأثرت كثيراً حيث أن الروايات هي فقط التي تشترى لسعرها الرخيص علماً بأن معظم رواد المكتبة هم من طلاب الجامعات .
السيد حسن حسن من دار النمير حدثنا قائلاً: أكثر الكتب مبيعاً هي الروايات بالإضافة الى الكتب الثقافية المترجمة وبالنسبة للطباعة بسبب الوضع الاقتصادي والحصار تتم إعادة طباعة الكتب من خلال تصويرها وبيعها بسبب عدم توفر الورق والحبر وخلال فترة الازمة لم نستطع شراء الكتب من الخارج ،فيما أثرت الظروف المعيشية على القدرة الشرائية والتي وصلت الى الحد الادنى وهو مايعتبر حجر العثرة بالنسبة للكثيرين وبخاصة فئة الشباب والذين هم الفئة الاكثر قراءة للكتب حاليا .
بتابع حسن: من مقلب آخر هناك قراء حقيقيون ومداومون على شراء الكتب وزوار دائمون للمكتبة ومن الكتب الاكثر طلبا هي كتب “ممدوح عدوان وديسكفوتي وكتب ترجمة لسامي دروبي ”
وعند سؤالنا له عن استعادة نشاط بيع الكتب الثقافية يقول: المكتبة لم تستورد كتبا منذ الازمة الاقتصادية، فالحرب غيرت أولويات السوريين والحركة تستعيد زخمها ولكن ليس بالشكل المطلوب أو الذي اعتدناه سابقاً.
مندل عيسى بائع كتب على احدى البسطات منذ 13 عاماً بين بأن كل الفئات تأتي اليه لشراء الكتب فمنهم كبار السن وطلاب الجامعات ولكن حصرا الروايات هي الاكثر مبيعاً .
الكتاب الالكتروني حل بديل
رغم مكانة الكتاب الورقي وشغف الكثيرين بالورق والحبر إلا أن ندرة الكتاب الورقي وصعوبة مناله بسبب غلاء ثمنه أو عدم تواجده جعل الكتاب الالكتروني ينتزع الصدارة منه فشبكة الانترنت باتت توفر عناوين كثيرة ومجانية ويمكن الحصول عليها بسهولة دون تعب.
رغد وهي معلمة تقول: عندما يشدني أي كتاب في المكتبات أبحث عنها الكترونياً فإن لم أجده أشتريه اذا كان سعره مقبولا طبعاً .
تصوير الكتب بدلاً من شرائها
ارتفعت اسعار الكتب عند استيرادها من بلد لآخر حيث وصلت أسعار الكتب الى الخيال فالكتاب الذي كان يباع بحدود 2000ليرة أصبح يباع ب10000مما جعل القراء يعدون للألف قبل الشراء وجعل معظم المكتبات تتوقف عن شراء الكتب.
يقول العم بشير جركس صاحب أقدم مستودع للكتب “المكتبة الحديثة” والذي يعمل منذ50 عاما في بيع الكتب: اختلفت نسبة القراءة نسبة للجيل فسابقاً كانت الكتب الدينية هي الاكثر مبيعاً ومع تتابع الاجيال أصبحت الروايات الحديثة هي التي تستهوي فئة الشباب حاليا والذين هم الاكثر قراء على مستوى الفئات الاخرى .
وأشار جركس الى أنه من خلال خبرته في هذا المجال لاحظ اقبال فئة الشباب على الروايات اكثر من غيرها وكتب التنمية البشرية بالاضافة الى الادب الروسي حديثاً.. وبالنسبة للمبيعات فهي نسبية ترتفع وتنخفض، ولفت الى أن دور النشر حالياً تقوم ببيع الكتب من خلال المعارض التي تقام كما تتم إعادة تصوير الكتب وبيعها بسبب الظروف التي نعيشها والتي حالت من وجود الكتب من الخارج .
يقول أوس صبح طالب هندسة: آتي الى هنا منطقة الحلبوني كل شهر تقريباً لأشتري الكتب وهو شيء معتاد عليه ولاأستطيع أن أمر من هنا دون أن أشتري حتى لو كان على حساب مصروفي الشخصي. ومن الكتب التي استهويها غسان كنفاني وجبران خليل جبران ومحمود درويش ونزار قباني بالاضافة الى الادب الروسي وكتب المذهب العبسي “كافكا وديستيو”.
بسطات الكتب تشهد اقبالا
لاحظنا من خلال جولتنا أن هناك اقبالا كبيرا على بسطات الكتب أكثر من المكتبات وذلك نظرا لوفرة الكتب واسعارها الرخيصة حيث يباع الكتاب بحدود 500 ليرة ومافوق على الرغم بأن معظم العناوين التي شهدناها لاتجذب القارئ الحقيقي إلا أنها تخفي بينها نفائس ثقافية وقيمة قد لاتوجد في المكتبات .
من جانب آخر لاحظنا خلال الجولة وقوف الكثيرين من القراء أمام المكتبات بمشهد يشبه الوقوف أمام محال المجوهرات والذين يكتفون بالنظر عليها من خلال الواجهة .
بالختام على الرغم من تدني نسبة الشراء لكن الحال الثقافية موجودة فهناك الكثيرون مازالوا يقبلون على معارض الكتب وشراء الكتب بالإضافة الى زيارة المكتبات بشكل دوري وهنا لايمكننا الحصر بالنسبة لنسب القراء وحركة البيع والشراء للسوريين.. فمن المعروف أن السوريين هم قراء حقيقيون وتحت وطأة الحرب مازالت تقام الفعاليات الثقافية والمعارض بالإضافة الى الفعاليات الطلابية التي تقام من حين لآخر تحت عدة شعارات نذكر منها فعالية لتبادل الكتب “كتابك القديم هو كتابي الجديد ” كما انشأ مجموعة من طلاب الجامعات ومن محبي القراءة مجموعة على مواقع التواصل الاجتماعي “فسبوك” حيث كانوا ينتقون كتاباً ويشترونه ومن ثم يدورونه فيما بينهم ويقتسمون سعره.