” مهاترات عابرة للفضائيات “

 

ما زال الإعلام المرئي أقرب وسيلة للوصول إلى الجماهير بالرغم مما بات للإعلام الرقمي من سطوة من خلال مواقعه المختلفة، والمتعددة، وقنوات تغذيته المتدفقة لحظة بلحظة.. إلا أنه ما زال للإعلام المرئي أيضاً سلطته التي تصل إلى تشكيل الرأي العام، وهو يلعب دوراً حيوياً في إيصال الخبر، والوقوف عليه بالتحليل، والتدقيق،.. ولكن أي أخبار هذه التي أصبحت تتسرب لهذا الإعلام ليهتم بها، ويفرد لها بالتالي مساحة من بثه الفضائي، وهو يتناولها سواء بالتلميح، أو بالتصريح؟.. في حقيقة الأمر أنها ليست أخباراً بقدر ما هي إخبار عن مهاترات تجري بين مَنْ يطلقون عليهم صفة المشاهير، وكأن هذه الصفة لا تستوجب من هؤلاء حداً أدنى من مراقبة الذات، وتهدئة موجة الانفعالات قبل أن تصدر عنهم التصريحات، والتعليقات التي ينشرونها على الملأ عبر ما يسمونه (تغريدات) ما تلبث أن تتحول من تغريد إلى نعيق غربان ينذر بعاصفة من الاتهامات المتبادلة بين هذا وذاك.

ومعارك من نوع آخر تقوم حول الفساتين العارية للممثلات على السجاجيد الحمراء بين مؤيد، ومعارض، لتصبح هذه الحكايات هي الأكثر بحثاً على المحركات حتى تكاد تطغى أخبارها على أخبار الحدث الذي ظهرت من أجله، وينسى الجميع عندئذٍ الهدف الفني، والمقصد الثقافي من مثل هذه الاحتفاليات.

أما الجماهير المترصدة لكل نأمة، وهمسة تصدر عن هؤلاء فهم في حالة استنفار دائمة، لا تغفل، ولا تهدأ.. وما إن تشتعل حرب النجوم حتى تتعالى أصوات المعجبين، والكارهين، يصفقون استحساناً، وتشجيعاً لمن يحبونهم، أو يصفرون استنكاراً، ورفضاً لمن يكرهونهم، وهم في كلتا الحالتين يختصرون مشاعرهم في تعليقات سريعة، ولاذعة، ووجوه تعبيرية ناقمة، وغاضبة، أو راضية، وسعيدة، في سعي لتأجيج المعارك بين الخصوم حتى تحترق النجوم، وتسقط من عليائها.

إلا أن الأمر لم يعد يقف عند المواقع الإلكترونية الملتهبة بين مع، وضد، بل إن القنوات الفضائية قد دخلت أيضاً على الخط، والإعلام الفضائي عند مثل هذه المناسبات لا يفوت على نفسه فرصة مواكبتها، وسرد قصصها، وما تأتي به من روايات، فهو بذلك يحظى برواج برامجه التي تتابع أحداث الخلافات، الحفلات، والمهرجانات، وما ينتج عنها من مواقف، وحكايات تلقى صدى لها عند المشاهد إذ أنها ترضي فضوله لدرجة يتم معها نسيان المتابعة الجدية للهدف، والمقصد من مثل هذه الاحتفاليات.

فعندما تهتم القنوات الفضائية بما يجري على ساحة المهاترات الفنية، أو الصحفية، أو الإعلامية، أو بين المثقفين أحياناً، ومَنْ يعملون تحت الأضواء، فإن ذلك يحقق انتشاراً أوسع للخبر الحدث ليصل إلى كل أحد، سواء أكان هذا الأمر من اهتمامه أم لا.. فيُستقطب بالتالي مزيد من الأضواء التي تسلط على حدث ساقط من الترّهات التي لا تستدعي أي اهتمام.

إلا أن هذه المشاركة الإعلامية الفضائية تمنح الفرصة للمتخاصمين على الحلبة أن يربح أحدهم هذه المعركة كاملة، نصفها، أو ربعها على حساب الآخر.. لا بل إنها معركة الكل فيها منتصر، ومهزوم في الوقت ذاته.. منتصر لأنه قادر على الرد.. مهزوم لأنه خسر من رصيده عند المتفرج الصامت الذي لا يشارك في العاصفة العارضة التي تعكر أجواءه.

فإلى أي منحدر وصلنا، وفئة لا يستهان بها تعد بالملايين من الجماهير لا همّ لها إلا أن تتابع سقطات المشاهير من الفنانين، أو الرياضيين، وغيرهم، متناسية أموراً أكثر أهمية بكثير للمتابعة من أحداث تجري حولنا وتغيّر وجه العالم، ومصائر شعوب بأكملها.. فهل هذه الساحات من المهاترات هي الأهم لدى جمهور لا يشغله إلا الاهتمام بنافل القصص، والأخبار؟ والإعلام.. هذا المسؤول عن التوعية، والإرشاد إذا ما سلّط الضوء على قضية ما سقط ما دونها تلقائياً ولو كان أكثر أهمية من تلك القضية التي استقطبت اهتمام الشاشات.. فأي دور خطير يلعبه الإعلام في حياة الجماهير المعاصرة!

لا يسعني في هذا المقام، والسوق يزدحم بالبضاعة الرديئة، إلا أن أردد كلمة الشاعر (صلاح جاهين) الشهيرة التي وردت في رباعياته الرائعة، والساخرة: (عجبي)!!

(إضاءات) ـ لينــــــا كيــــــــلاني ـ

 

آخر الأخبار
دلالات سياسية بمضامين اقتصادية.. سوريا تعزز تموضعها الدولي من بوابة " صندوق النقد الدولي والبنك الدو... سجال داخلي وضغوط دولية.. سلاح "حزب الله" يضع لبنان على فوهة بركان لجنة لتسليم المطلوبين والموقوفين في مدينة الدريكيش مصادرة حشيش وكبتاغون في صيدا بريف درعا The NewArab: الأمم المتحدة: العقوبات على سوريا تحد يجب مواجهته إخماد حريق حراجي في مصياف بمشاركة 81 متسابقاً.. انطلاق تصفيات الأولمبياد العلمي في اللاذقية "لمسة شفا".. مشروع لدعم الخدمات الصحية في منطقة طفس الصحية وزير المالية: نتطلع لعودة سوريا إلى النظام المالي الدولي وقف استيراد البندورة والخيار رفع أسعارها بأسواق درعا للضعفين 34 مركزاً بحملة تعزيز اللقاح الروتيني بدير الزور البنى التحتية والخدمية متهالكة.. الأولوية في طفس لمياه الشرب والصرف الصحي    تستهدف 8344 طفلاً ٠٠ استعدادات لانطلاق حملة اللقاح الوطنية بالسقيلبية  بعد سنوات من الانقطاع.. مياه الشرب  تعود إلى كفرزيتا  جولة ثانية من المفاوضات الأمريكية- الإيرانية في روما أردوغان: إسرائيل لا تريد السلام والاستقرار في المنطقة جنبلاط: هناك احتضان عربي للقيادة السورية واقع مائي صعب خلال الصيف المقبل.. والتوعية مفتاح الحل برسم وزارة التربية النهوض بالقطاع الزراعي بالتعاون مع "أكساد".. الخبيرة الشماط لـ"الثورة": استنباط أصناف هامة من القمح ...