افتتاحية الثورة -بقلم رئيس التحرير- علي نصر الله:
في الوقت الضائع يزور وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو الجولان السوري المُحتل، وتَكشف قناة تلفزيونية صهيونية عن اتصالات جديدة بين حفنة من العملاء السوريين مع الكيان الإسرائيلي، وتَجري تسريبات عن اجتماع في المملكة الوهابية جمع ابن سلمانكو وبومبيو مع نتنياهو، فما الذي يُراد قوله بتوقيت تَهيئة البيت الأبيض للاستلام والتسليم بين رئيسين صاعد ونازل؟
حالة طيش وهيجان في واشنطن دَليلها مُسلسل الإقالات والاستقالات داخل إدارة دونالد ترامب المُنتهية ولايته، وقَرينتها حديث علني عن تحشيد واستفزازات تُهدد بتحرش مُحتمل بإيران، تَرافق مع أنباء عن إرسال قاذفات أميركية إستراتيجية إلى المنطقة، ما يُوحي بأن الإدارة الأميركية الحمقاء تُبيِّت لتفجير تُحدثه في الوقت الضائع.
القراءاتُ المُختلفة لما يَجري في هذا الاتجاه تضع العديد من الاحتمالات لجهة الأهداف المُراد تحقيقها، إذا كان ليس آخرها تَسليف الكيان الإسرائيلي مواقف داعمة لاستثمارها بمناسبات انتخابية أميركية قادمة لمصلحة الجمهوريين، ومن بينها محاولة تَوريث الديمقراطيين – بحال الإقرار بفوز جو بايدن – وضعاً مُعقداً، أو محاولة تسجيل إنجاز في ربع الساعة الأخير، فإن إدارة ترامب تؤكد بذلك استغراقها بالوهم والإنكار.
إنّ زيارة بومبيو إلى الجولان السوري المحتل ستَبقى بلا قيمة، حالها حال توقيع ترامب واعترافه الأجوف الخاص بالجولان والقدس، وإنّ الكشفَ عن الاتصالات الجارية القديمة الجديدة بين الصهاينة وحفنة العملاء المأجورين إنما هو قفز في الفراغ، ليَبقى لقاء نتنياهو بومبيو ابن سلمانكو الدليل الأحدث على الخيانة السعودية والإشارة الأوضح لمُحاولة تَوظيف كل ما هو مُتاح للدفع باتجاه التطبيع حتى اللحظة الأخيرة.
أما التهويل بإرسال قاذفات عملاقة أو قطع بحرية تُعزّز الوجود العسكري الاحتلالي الأميركي بالمنطقة، إذا كان يُضيف إلى عوامل التوتر وعدم الاستقرار عاملاً جديداً، فإنه سيُضيف دليلاً إضافياً على العجز والتخبط الأميركي، وسيُؤكد المؤكد من أنّ الأطراف التي تَستضيف القواعد الأميركية تَغرق بارتهانها وبتَأدية دورها الوظيفي القذر الذي وُجدت من أجله، ليَبقى تَهويلاً بلا صدى، أو ليَكون انتحاراً إذا ما جَرى ترجمته فعلاً عدوانياً أحمق.
في الوقت الضائع، ومع إدارة حمقاء بمُستوى جنون ترامب ربما لا يُستبعد ارتكاب حماقة كُبرى، لكن على أيّ نتيجة ستنتهي إذا كانت مُخططات واشنطن – أوباما وترامب – قد تَحطمت وسقطت معها التحالفات العالمية التي جَرى تَزخيمها استهدافاً لسورية ومحور المقاومة؟
لن نُعدِّد، لكننا سنُذكر بأهم محطات السقوط قياساً إلى الأهداف التي أُريد بلوغها لعلّها تَردع الحَمقى وأصحاب الرؤوس الحامية النازلة مع ترامب والصاعدة مع بايدن:
بصمود سورية وانتصاراتها بدحر أذرع الإرهاب الصهيو – تكفيري الأميركية وتنظيماته المُتعددة، انتصرت سورية، وانتصر معها محور المقاومة، وبات أقوى وأشدّ صلابة وحضوراً، بينما كان إسقاطه وتَفكيكه هدفاً مركزياً.
بصمود سورية وتصديها للمؤامرة الكونية، تَبددت الأحلام الصهيو أطلسية بمُقابل رسوخ ثقافة المقاومة وفعلها في الأمة، ذلك على الرغم مما يَتهيأ للبعض من أنّ معسكر الأعداء يُسجل خطوات مهمة على طريق التطبيع.
بصمود سورية وتَمزيقها لمخططات التقسيم والفدرلة، تمّ وأد الفتنة، ويُعاد بهذه الأثناء ربما للأمة وعيها الذي سيُنتج فعلاً مُقاوماً، يُعيد تكوين مفهوم الدولة والأمة، ويَستنهض مفاهيم السيادة والاستقلال.
بصمود سورية وبطولات جيشها، جرى إسقاط الروح الانهزامية في العالم وليس في الشرق فقط، هو ما سيُؤسس لبناء تحالفات وتكتلات دولية مُناهضة للسياسات الأميركية في الهيمنة والسيطرة والنهب والعدوان.. فما الجنون الأميركي في الوقت الضائع إلا مُغامرة غير مَحسوبة، لن تُسهم إلا بتثبيت هزيمة سياسة البلطجة ومشاريع العدوان.