الثورة أون لاين – عائدة عم علي:
وسط الأزمة الاقتصادية المتفاقمة داخل الولايات المتحدة على خلفية وباء كورونا، وفشل إدارة دونالد ترامب بالتصدي لها، شكل تسريح مئات آلاف الأميركيين من وظائفهم صدمة كبيرة للعاملين في القطاع العام، ومعظمهم كانوا من ذوي البشرة السوداء، بسبب العنصرية المتفشية في المجتمع الأميركي، الأمر الذي يسلط الضوء على الخسائر الفادحة التي ألحقها الوباء بالعاملين الأمريكيين من أصل إفريقي، وهي مجموعة دخلت في الأزمة مع معدل بطالة أعلى 3.9 نقاط من المتوسط الوطني.
حيث يتعرض الأمريكيون السود لضربة شديدة لأن الكثير منهم يعملون في القطاع العام، وهو أمر يعود إلى قوانين مناهضة التمييز في حقبة الحقوق المدنية التي فتحت الوظائف الحكومية للأمريكيين من أصل إفريقي وجعلتها مرغوبة منذ ذلك الحين، ما يقارب واحدا من كل ستة أمريكيين من السود كانت لديه وظيفة في القطاع العام في 2019، على الرغم من أن الأمريكيين السود يشكلون 12 في المائة فقط من القوة العاملة.
لكن آفاق التوظيف في القطاع العام في الولايات المتحدة سيئة وتزداد سوءا، وأدى التباطؤ الاقتصادي الناجم عن الوباء إلى انخفاض عائدات الضرائب، ما أجبر الحكومات المحلية على خفض عدد الموظفين في المدارس ومراكز الشرطة وأنظمة النقل والمكتبات وقاعات المدن ومباني البلدية، بحسب وسائل الإعلام الأميركية.
وقد أفاد مكتب إحصاءات العمل أن 130 ألف موظف حكومي محلي طردوا من العمل في تشرين الأول ما يرفع العدد الإجمالي لمثل هذه الوظائف التي تم تسريح أصحابها منذ شباط إلى 1.4 مليون تقريبا – ما يقارب ضعف العدد البالغ 750 ألفا في الأعوام الخمسة التي تلت الكساد الاقتصادي العظيم في العقد الماضي.
ومع عدم وجود إعانة فيدرالية في الأفق، تتوقع حكومات الولايات والحكومات المحلية أن ترى عائداتها المجمعة تنخفض 5.5 في المائة في 2020 – وأن تشهد عجزا قدره 155 مليار دولار، من المحتمل أن ينمو في العام المقبل، وفقا لمعهد بروكينجز.
ونظرا لمتطلبات موازنة ميزانياتها بحلول نهاية العام، سيتعين على هذه الحكومات خفض المزيد من النفقات، ففي نيويورك. قالت وكالة النقل الحضري: إنها قد تضطر إلى إلغاء ثمانية آلاف وظيفة ما لم تحصل على مليارات أخرى من المساعدات الفيدرالية.
وقال الاقتصادي ديفيد كوبر من معهد السياسة الاقتصادية وهو مؤسسة فكرية ذات ميول يسارية: “هذه خسارة كبيرة للغاية، وأعتقد لسوء الحظ أن ذلك يمكن أن يكون مجرد قمة جبل الجليد لأن الكثير من ضغوط الميزانية هذه لم تظهر بالكامل بعد”، وأضاف: “هناك الكثير من الخسائر في الوظائف التي من المحتمل أن تقع بشكل كبير على العاملين من الأقليات العرقية”.
وقد تعثر النقاش حول تشريع التحفيز الفيدرالي في واشنطن حول مسألة تقديم المساعدة لحكومات الولايات والحكومات المحلية، وعارض الجمهوريون مثل هذه الإجراءات، بحجة أنها تهدف إلى إنقاذ الولايات القضائية الديمقراطية التي تدار بشكل سيئ، ورد الديمقراطيون بأن الإغاثة ضرورية للحفاظ على الخدمات وإنقاذ الوظائف.
يشار إلى أن جو بايدن، الرئيس المنتخب، كان قد حذر في خطاب ألقاه الاثنين الماضي قائلا: “سنشاهد مئات الآلاف من ضباط الشرطة ورجال الإطفاء والمستجيبين الأوائل وعيادات الصحة النفسية، يتوقفون عن ممارسة نشاطاتهم”.
ومع وصول واشنطن إلى طريق مسدود، يتعين على كثير من العاملين من الأقليات العرقية التعامل في وقت واحد مع شبح الصعوبات الاقتصادية التي تواجه الولايات المتحدة.