الثورة أون لاين – ترجمة ليندا سكوتي:
كان من أشق وأصعب الأعمال التي جابهت هرقل، أحد أقوى الأبطال اليونانيين، عملية تنظيف زرائب أوجياس (أمير أوليس)، ويتناغم هذا الأمر مع تكليف جانيت يلين لإنعاش الاقتصاد الأميركي، تلك المهمة الصعبة التي لا تقل عن مهمة تطهير هرقل لزرائب أوجياس، إلا أن الخبر الجيد أن جو بايدن يتمتع بخبرة جعلته يرشح شخصية على غرار جانيت يلين لتولي وزارة الخزانة الأميركية، نظرا لما تتحلى به من مؤهلات وخبرة تمكنها من إدارة هذه الوزارة.
وفي حال تولي جانيت يلين وزارة الخزانة الأميركية، فلا ريب بأنها ستواجه تحديات اقتصادية جسيمة على الصعيدين المحلي والدولي، إذ تنتظرها مهمة شاقة نتيجة احتمال أن يظل مجلس الشيوخ مسيطرا عليه من قبل الجمهوريين الذين من المرجح معارضتهم لحزمة أخرى من التحفيزات المالية الجريئة، يضاف إلى ذلك أنها ستواجه ضغوطا كبيرة يفرضها الجناح التقدمي في الحزب الديمقراطي لإتباع سياسات اقتصادية قد يكون لها تبعاتها على اقتصاد البلاد برمته.
لا ريب أن إحدى التحديات الاقتصادية المحلية الأشق والأكثر إلحاحا تتمثل بإخراج الاقتصاد الأميركي من حالة الركود الاقتصادي الأسوأ الذي شهده على مدى التسعين عاما الماضية، ومن المرجح أن تواجه هذه المهمة تعقيدات جمة نتيجة الانتشار الحالي لجائحة كورونا التي قادت إلى دفع ولايات عدة للعودة إلى الحجر الصحي بعد تخفيفه في وقت سابق، وفي هذا السياق، ذكر جي بي مورغان، أن فرض قيود صارمة قد يفضي إلى مزيد من التراجع في الاقتصاد الأميركي خلال الربع الأول من عام 2021.
وفيما لو خفف اللقاح المرتقب من تدهور الاقتصاد الأميركي في فصل الربيع من العام المقبل، فإنه سيتعين على يلين معالجة تداعيات أخرى خلفتها الجائحة التي أرخت بظلالها على اقتصاد البلاد، ومن المرجح أن تشمل تلك المعالجة سلسلة التبعات التي واجهتها الأسر والشركات الأمر الذي يشكل تحديا خطيرا للنظام المالي، كما أنه من المحتمل أن ينجم عن هذه الخطة استمرار التدني في الواقع الاقتصادي والتوجه نحو الاقتصاد الرقمي الذي يدفع بالعاملين في عدد من الشركات للعمل عن بعد.
الجدير بالذكر أن استعادة نظام طويل المدى للتمويل العام المضطرب في البلاد وتجنب أي أزمة قد يتعرض لها الدولار الأميركي يعد تحديا اقتصاديا صعبا ذلك لأن نسبة الدين العام للولايات المتحدة إلى الناتج المحلي الإجمالي قد بلغت مستوى أعلى في الوقت الراهن مما كانت عليه بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية. ومع ذلك، فإن إتباع هذه الخطة قد لا يجدي نفعا في تحسين الاقتصاد نظرا لما تعانيه البلاد من أكبر عجز في ميزانيتها على الإطلاق.
وبالإضافة للائحة التحديات الاقتصادية المحلية التي ستجابه يلين، فإنه من المرجح أن تواجه أيضا عددا من القضايا الاقتصادية الدولية الهامة، ومنها أزمة ديون الأسواق الناشئة التي قد يكون لها تداعيات خطيرة على النظام المالي العالمي، إذ أشار البنك الدولي إلى احتمال ظهور موجة من التخلف عن سداد ديون الأسواق الناشئة وعمليات إعادة هيكلة في العام المقبل من جراء الإعصار الاقتصادي الذي خلفته جائحة كورونا.
وستتمثل إحدى التحديات الاقتصادية الدولية بإصلاح الضرر الناتج الذي طال نظام التجارة العالمي بعد سنوات أربع من سياسة أميركا أولا، ولتحقيق هذا الأمر ينبغي على يلين العمل على التراجع عن التعريفات الجمركية فيما يتعلق بالصلب والألمنيوم المفروضة على الحلفاء والبحث عن حل مقبول للحرب التجارية الأميركية مع الصين.
وعندها علينا أن نترقب مدى نجاح وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين في تعاطيها مع التحديات المحلية والدولية الجسيمة التي تنتظرها، وفي مختلف الأحوال فإن ما يبعث على الراحة ترشيح جو بايدن لاقتصادية ذات مؤهلات وخبرات واسعة فضلا عما تتمتع به من سمعة محلية ودولية موثوقة.
ومما يدعو للاطمئنان أيضا أن يختار جو بايدن لهذا المنصب شخصية تقلدت أعلى المناصب في الحكومة ومجلس الاحتياطي الفيدرالي، ولديها الخبرة في أسلوب التعاطي مع المشكلات داخل البلاد وخارجها.
بقلم: ديسموند لاشمان
ذي ناشونال انتريست