الثورة أون لاين – فؤاد الوادي:
يبرز الوعي الوطني كضرورة واجبة وملاصقة لأي فعل وطني عند التحديات الكبرى والاستهدفات التي تحاول زعزعة أو ضرب المنظومة الوطنية الرافعة لأي شعب أو وطن، والمنظومة الوطنية هنا لا تقتصر على الجانب المادي فحسب، أي لا تقتصر على منظومة مؤسسات الدولة، بل تطال المنظومة الشاملة للوطن التي تضفي على وجوده و بقائه وعلاقاته أبعاداً أخرى، كالمنظومة الفكرية والثقافية والأخلاقية والتاريخية والحضارية.
وانطلاقا من أهميته وحضوره يتصدر الوعي الوطني على الدوام أبرز الأسلحة المدافعة عن الوطن والمحصنة لكل قيمه ورموزه وحوامله، لاسيما الانتماء والفعل الوطني الذي يساهم بتحصين وحماية الوطن من كل الاستهدافات بمختلف أشكالها الوجودية والمصيرية، لاسيما عندما يغدو الوطن بأكمله في دائرة الاستهداف والغزو المتواصل لكل ما يخص حالته الوطنية الاستثنائية والمتميزة في المنطقة بشكل عام والتي بدت متماسكة جداً خلال سنوات الحرب الماضية، برغم كل المحاولات المحمومة لضربها واستهدافها وتشويه ركائزها ومقوماتها.
في الحروب والأزمات يبرز التحدي الأكبر لوعي الإنسان، خاصة ذلك الوعي الذي يصب في خانة الوعي الوطني الجامع الذي يجب أن يرتقي بمصلحة الوطن ويعليها فوق المصلحة الشخصية التي يجب أن تذوب بالمطلق في خدمة المصلحة العامة، وهذا بحد ذاته منتهى وذروة القيم الإنسانية والأخلاقية والوطنية.
في قراءة الظرف التاريخي الذي يلف الوطن بشكل خاص والمنطقة والعالم على وجه العموم، لابد لنا من إضاءة واسعة ومن كل الزوايا على القيمة والحاجة الضرورية للوعي الوطني الشامل في هذه اللحظة الاستراتيجية الهامة، خاصة في ظل الحرب الثقافية والفكرية التي تحاول تفريغ الحالة الوطنية من مضامينها التي تحمل طابع القداسة عند الشعب السوري.
في استهداف الوعي الوطني بحوامله الأساسية، لاسيما الانتماء والهوية، تطفو على السطح على الفور تلك الحرب الإعلامية التي لا تزال تشنها علينا أطراف الإرهاب وأبواق الفتنة والجهل عبر تلك الفضائيات والمحطات العبرية والصهيونية التي كانت ولا تزال تشكل منصة لزعزعة انتمائنا وهويتنا وقيمنا ومنظومتنا الوطنية الشاملة التي ذكرناها آنفا.
من هنا وضمن سياق تحصين الانتماء والهوية والحالة الوطنية تبرز أمامنا جملة من التحديات التي تجتمع عند ضرورة التصدي لكل محاولات زعزعة الروح الوطنية من خلال إبراز الحقيقة دون تشويه أو تزوير أو خلل و كذلك إدارة الظهر لكل ما من شأنه خلخلة تلك الكينونة المتماسكة بأبنائها ومدى صمودهم بوجه تلك المحاولات المستشرسة للنيل منها.
إن الوعي الوطني لن يتجسد بشكل فاعل إلا إذا انتقل من حالة الإدراك والمعرفة العامة إلى حالة الثقافة والمعرفة المسؤولة والأمينة التي يجب أن تأخذ بالحسبان كل الحوامل الوجودية للوطن بدءاً من الإنسان والمكان، وليس انتهاء بالهوية والتاريخ والمستقبل في انسجام يعكس حقيقة الولاء والانتماء والتضحية.