الملحق الثقافي: هفاف ميهوب:
إذا كانت حبّة القمح أساس الغذاء العالمي، وإذا كان الحرف الأبجدي أساس التواصل بين الشعوب، وإذا كان العدد أساس الفكر التطوري-التكنولوجي، فإن التمسك بالتراب السوري هو أساس الوجود.
الوجود البشري الذي تجاوز الآلاف من السنين، على بقعة أرضٍ معتدلة المناخ، قصدها كلّ شعبٍ داهمه الذوبان الجليدي قبل أربعة عشر ألف عام، فأخذ منها أكثر مما قدّم لها.. أخذ ما يجعله يقوى على الحياة «حبة القمح».. وأخذ ما يجعله معبِّراً عن منتجاته العلمية «الحرف الأبجدي».. وأخذ ما يجعله رائداً في العلم الرياضي والفيزيائي «العدد».
إن هذه الثلاثية لم تأتِ من عبثٍ، فالفكر الفلسفي الذي ربط بابل بأوغاريت، وأوغاريت بأثينا، وأثينا بالاسكندرية، كان الرحم الأول لانطلاقة الصوت السوري العابر مركَزهُ المشعّ، لدائرة الاتجاهات التي استفاد منها الآخرون، ولم يبخسوا الأمة السورية وحضارتها حقّها، لا كما يفعل كلّ من يحقد على هذه الأمة.. كلّ من يسعى لتمزيقها وطمسِ معالم حضارتها، أو محاولة التقليل من عظمة تاريخها، بغضّ النظر عن الإيديولوجيات العابرة «روحيا»..
لولا الأمَّة السورية.. المنفتحة على الآفاق، ما كان لكلِّ هذه الأمم أن تنمو وتستمر، فهل تقوى أمةٌ ما على وجهِ الكرة الأرضية، على الاستمرارِ دون جذورٍ تربطها بوجودها الترابي والهوائي والمائي؟!…
حتماً لا تقوى، ومهما تعالت أصوات الحاقدين والمُغرضين، والأعداء والخونة والمتآمرين، لن تقوى على قطع الصلة ما بيننا وبين النور المريمي، ولا تلك الصلة التي تربط ما بين النور المريمي والنور العشتاري..
هي نحنُ، ونحن هي.. الأمومة الأبدية.. حبّة القمحِ المتجذِّرة في أعماقِ الحياة، وتفيضُ عطاءً للوجدان والإنسانية.
mayhoubh@gmail.com
التاريخ: الثلاثاء22-12-2020
رقم العدد :1025