الثورة أون لاين – ملك خدام:
مع اشتداد رياح الكورونا، سمعنا في قطاعي التربية والتعليم العالي عن خطط تعويض الفاقد التعليمي الناجم عن انقطاع الطلبة عن مدارسهم ومعاهدهم وجامعاتهم مع استفحال أرقام الجائحة التي تم التصدي لها بحملة “خليك بالبيت”.
وبصرف النظر عن مدى الالتزام بهذه الخطط النظرية على أرض الواقع ونجاحها أو تعثرها يبقى قطاع التربية والتعليم العالي أكبر متضرر من هذا الكابوس الذي يقض مضجع الإنسانية لأجل غير مسمى لأنهما معنيان بمستقبل الجيل الصاعد.
ورغم تصالح البعض مع هذا التحدي عام 2021 بما يشبه هدنة لا يعلم أمدها في حمى بحث العالم عن أنجع لقاح بالسيطرة على زمام هذا الوباء، تبقى احتمالية الحصر والعزل والانقطاع قائمة للعام الجديد المهدد بصيغة متطورة لفيروس كورونا الأكثر انتشاراً والأشد فتكاً وضراوة بالبشر.
إذاً.. آن الأوان لنفكر مجدداً بشكل منطقي، كيف نعالج الفاقد التعليمي بمواجهة تهديد فيروس كوفيد 19 لعام2021؟..
لو حاولنا تقدير الفاقد التعليمي لدى طلاب عانوا الأمرين من الانزواء قسراً أو طوعاً في حملة خليك بالبيت، لن نتوصل أبداً إلى نتيجة مجدية لأن هذا الفاقد يختلف بين بلد وآخر، مدينة وريف حسب سهولة أو صعوبة التعلم عن بعد والتواصل عبر النت المرهون بمدى توفر الشبكة وسرعتها وتكلفتها بين العامة وهذه ميزة قلما تتوفر لطلابنا في بلد متأزم يخضع مع تصعيد وتيرة العقوبات للتقنين في كل شيء (كهرباء.. مياه.. محروقات.. أغذية.. أدوية..) ما يعني تقنيناً تربوياً وتعليمياً باختصار الفصول الدراسية وخصخصة المنهاج وازدهار تجارة الدروس الخصوصية بما يفسح المجال واسعاً للتمايز الاجتماعي وعدم تكافؤ فرص التحصيل بين الطلاب، أضف لذلك ارتفاع نسبة الرسوب والاستنفاد الواضحة في مؤشرات نتائج كليات حيوية قوامها جلسات العملي كالطب وغيرها من الهندسات ما يعني فاقداً إضافياً بتكلفة دراسة الطالب في العام ما انعكس مباشرة بمضاعفة رسوم تسجيل الطلاب الراسبين في التعليم الموازي، وتحميل الأهالي في هذه الظروف وهناً فوق وهن ما زاد الطين بلة في التعليم الخاص.
حتى الهيئة التدريسية لم تسلم في العديد من الكليات من فاقد واضح بسبب إصابة بعض كوادرها بالكورونا ليزداد تسرب البعض بالتعاقد مع جامعات بالخارج خلال سنوات الحرب العدوانية علينا. ما تم تعويضه بالمستجدين من المعيدين المبتدئين في ظرف استثنائي لم ينظر بعين الاعتبار لطلاب جازفوا بأرواحهم بالمواظبة على جلسات العملي بعد أشهر الانقطاع رغم تسرب أنباء مؤسفة عن إصابة هنا ووفاة هناك.
بغض النظر عمن شفي أو توفي يبقى السؤال:
أي الفاقدين أمضّ وأشد إيلاماً في عصر الكورونا الفاقد التربوي والتعليمي أم الفاقد الإعلامي الذي جعل ثلاثة من أمهات الصحف الرسمية (الثورة، البعث تشرين) من منسيات الزمن الجميل.
رغم حضورها وانتشارها على الأربعة وعشرين ساعة على الأون لاين
ما يطرح السؤال:
كيف نعوض الفاقد في جمهور هذه الصحف الذي اعتاد على متابعتها بحميمية بطقوسها المحببة فمن ينسى كيف كان رب الأسرة يتناول صحيفته المفضلة وهو خارج من المخبز من أقرب كشك على ناصية الشارع على إيقاع مرحبا يا صباح يتأبطها بعشق مع ربطة الخبز يقدمها لأفراد أسرته أيضاً كغذاء للروح.
من ينسى تنافس عمال المطابع وعمال المخابز تطوعياً في حرب تشرين التحريرية على إصدار آخر طبعة تصل مع رغيف الخبز الصباحي الطازج لكل أسرة وبيت.
كيف نعوض هذا الفاقد بالرسالة وكيف نستعيد هذا الجمهور؟.