المشكلة بالنسبة لي وأنا أكتب مقالتي الأسبوعية هذه، أنني أكتبها دائماً كخطاب موجه لك عزيزي القارئ .. متخيلك أمامي..وقبل ذلك متخيل وجودك أصلاً ..!! لعل ذلك يعود غالباً إلى طبيعة العمل الكتابي الذي مارسته خلال حياتي! هو ليس إعلاماً فقط.. بل إعلام حكومي رسمي يهدف إلى نقل الخطاب من كل صاحب خطاب إلى حلال المشاكل الذي هو الدولة.. أو الحكومة – بالأحرى – !!
بغض النظر عن دقة الوصف والتصوير.. أتمنى ألا تثير عبارة الإفلاس الدافع عند أحد لتفتيش جيوبه، بغرض التأكد.
أنا وإن كنت أقدر أن الإفلاس تجاوز الوصف في الجيوب المقفرة المقلوبة على كامل هيئتها.. فإن ما اعنيه هنا ليس فقط افلاس الجيوب .. ليس فقط افلاس المواطن.. و احاول ان اخرج من صيغة الخطاب باسمك لنقل معاناتك .. فإلى من سأنقله.. وكيف؟!
هذا من جانب.. ومن جانب آخر لا أريد أن أخفف عنك – عزيزي القارئ – إن قلت إنني إنما أعني إفلاس العالم.. إفلاس الدول والمؤسسات والهيئات.
والإفلاس الأكبر يتمثل في نضوب العقول وتراجع الشروح واجتراح النظريات .. هكذا ترى العالم يقف أبلهَ…!! وليته كان أخرسَ..!! بل هو يتكلم وليته لا يفعل.. فلم يعد في ما يقوله ما يغنيه من علوم وتحليل واستنتاج.. بل صار بأغلبيته إن لم يكن كله عرضاً للإفلاس .. وشرحاً للكذب والنفاق..
تابع إن سمحت ورغبت.. انشغال العقول والمحللين بالشأن الأميركي.. والقضية كلها قضية إفلاس .. ومن لا يجد في الشأن الأميركي ما يكفيه لتذوق طعم الإفلاس .. نقدم له الشأن الخليجي.. حيث سيحل العقل المفلس مشاكل المنطقة والعالم من حكاية الصلح السعودي القطري!!!
إن كان ذلك صحيحاً فهو في مقدمة الوصف لحالة الإفلاس.
العالم في حالة حروب – لا حرب واحدة – مجهولة أسبابها مغلوبة جيوشها مختلطة عداواتها.
حروب لا منتصر فيها ولا مهزوم.. بل الكل منتصر والكل مهزوم..
والحقيقة أن الكل مستسلم لأميركا..!! وأميركا في مقدمة المهزومين.. مهزومة ليس بالنسبة لي .. بل بالنسبة للأميركيين أولاً..
فإن كان الأميركيون يتذكرون كيف كانت ولاياتهم.. ويقارنون بكيف هي اليوم .. ويقارنون دورهم في العالم بالأمس ودورهم فيه اليوم.. هم الأجدر بأن يقدروا حجم الإفلاس الذي يعانونه والذي يهددهم.. وبانتظارهم غداً.. فقط ليقارنوا عدد براءات الاختراع المسجلة عندهم ومقارنتها بدولة كالصين..
لكن خروج العالم من مأزقه ليس أبداً رهناً بالتقدم الذي أحدثته الصين أو غيرها .. بل هو رهن بحالة العالم وتوازنه بما يكفل تجميع جهد وإنتاج العقل البشري .. ووضعه في خدمة البشرية.
معاً على الطريق – أسعد عبود