الثورة أون لاين – ترجمة ميساء وسوف:
أخيراً، سيؤدي الرئيس المنتخب جو بايدن اليمين في 20 من الشهر الجاري في جو مشحون باليأس والغضب والأمل بعد أن تخلى عدد كبير من الجمهوريين عن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ويترافق هذا مع الحديث عن إجراءات عزله قبل 20 كانون الثاني.
ويبدو واضحاً أن بايدن نفسه يشعر بأنها فرصته، حيث وجّه ضربة مزدوجة للجمهوريين في اليوم الذي تلا أحداث العنف التي اجتاحت مبنى الكابيتول، عندما قام بإعلان تعيين ميريك جارلاند كمرشح له لمنصب المدعي العام، وهو نفس الرجل الذي كان زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ.
وقد أوضح بايدن، وفي ما يمكن تسميته بخطاب” شرير”، ما هي وظيفة المدعي العام والتي هي ليست لحماية الرئيس عندما قال: “لن تعمل من أجلي، أنت لست محامي الرئيس أو نائب الرئيس، وظيفتك هي لحماية القانون والدستور”.
في هذه الأثناء ومع اغتنام بايدن الفرصة للتعهد باستعادة القيم الأمريكية، بدا الحزب الجمهوري وكأنه ينهار، فوفقاً لتشارلي بلاك – الاستراتيجي الجمهوري منذ فترة طويلة – فإن أحداث الأيام القليلة الماضية قد غيرت بشكل كبير حسابات عام 2024.
فقبل حدوث ذلك الشغب كان الناس يتوقعون أن ينسحب ترامب ويعلن على الفور أنه سيرشح نفسه مرة أخرى، وأنه وانطلاقاً من شعبيته كان سيفوز بالتأكيد، ولكن بعد اقتحام الكابيتول من قبل أنصاره لم تعد الحال كذلك.
في الواقع، كانت أعمال الشغب لحظة خوف للعديد من الجمهوريين، حتى إن ّ الصفحة الافتتاحية لوول ستريت جورنال، المحافظة القوية، دعت ترامب إلى التنحي على الفور، وكتب المحررون: “إذا أراد السيد ترامب تجنب مساءلة ثانية، فإن أفضل طريق له هو تحمل المسؤولية الشخصية والاستقالة”.
ومن الواضح أيضاً أن ترامب نفسه كان خائفاً بشكل مباشر، بعد أن حذره مساعدوه من أنه سيواجه إجراءات عزل، وحتى إن زملاءه الجمهوريين في إدارته كانوا يناقشون الإقالة متذرعين بالتعديل الخامس والعشرين.
وكان ترامب قد قال في شريط فيديو مكتوب بشكل واضح تم تسجيله في البيت الأبيض: “الآن صادق الكونغرس على النتائج” و”ستُفتتح إدارة جديدة في 20 كانون الثاني، وينصبّ تركيزي الآن على ضمان انتقال سلس ومنظّم للسلطة، وتتطلّب هذه اللحظة المصالحة “.
وقد استقال عدد كبير من الموالين لترامب السابقين، في أعقاب أعمال العنف التي حرّض عليها ترامب في تجمع حاشد في البيت الأبيض، وعلى رأسهم وزيرة النقل إيلين تشاو ووزيرة التعليم بيتسي ديفوس التي غرّدت موبخة رئيسها السابق ترامب، وحذرت زملاءها أنّ عليهم تقديم “مثال أفضل” لأطفال الأمة.
أما بالنسبة لأولئك الذين اصطفوا إلى جانب ترامب ودعموا مزاعمه التي لا أساس لها من تزوير الأصوات، مثل السيناتور تيد كروز وجوش هاولي، والذين كانوا يحاولون بوضوح كسب تأييد قاعدة لترامب قبل عام انتخابات 2024، فقد ظهروا منعزلين أكثر من أي وقت مضى، وكان العديد من الجمهوريين يتساءلون عن المكان الذي سيهبط فيه 74 مليون ناخب اختاروا ترامب العام الماضي في الانتخابات المقبلة عام 2024، خاصةً فيما إذا تم عزله أو اتّهامه، وعندها لن يعود قادراً على الترشح.
بعد خطاب ترامب، تخلّى عنه حتى أكثر أتباعه إخلاصاً، حيث غرّد بعضهم على تويتر أنه تم إلقاؤهم “تحت الحافلة”، وحسب رأي ريويل مارك جيرخت، الخبير المحافظ والمتخصص في الشؤون الخارجية: “من الواضح أن الحزب الجمهوري هو حزب ميت الآن”، “لا أعتقد أنه يمكن تسمية مبدأ واحد يكون بمثابة القاسم للجمهورية في الشؤون الداخلية أو الخارجية، الحزب الجمهوري الذي انتصر فيه دونالد ترامب، وحيث يكون شون هانيتي قوة ثقافية هو حزب بدون فكر وبدون جذور”.
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن هو ما إذا كان بايدن سيتمكن من استغلال اللحظة التي سيطر فيها الديمقراطيون الآن على مجلس الشيوخ، أو ما إذا كان الجمهوريون سوف يجتمعون بسرعة لعرقلة ذلك.
يضيف تشارلي بلاك: “أعتقد أن المجيء إلى المنصب مباشرة بعد كارثة كهذه سوف يمنح بايدن فرصة للتوحيد والحصول على بعض الدعم من الحزبين”.
فمنذ حصار مبنى الكابيتول، ظلّ التقدميون في حزب بايدن صامتين في الغالب، لكن بعض الخبراء الديمقراطيين يعتقدون أن الرئيس الجديد سيواجه توقعات أكبر لاتخاذ إجراءات أكثر دراماتيكية بشأن قضايا مثل زيادة الضرائب على الأثرياء والتحفيز.
قالت إيلين كامارك، مديرة مركز الإدارة العامة الفعّالة في معهد بروكينغز: “لا أعتقد أن هذا له تأثير كبير على التقدميين”، “الحقيقة الأكثر بروزاُ هي أن الأغلبية قليلة جداُ في كل منزل لدرجة أنه سيتعين عليه احتواء تأثير كل من جو مانشين وكونور لامب “، ومانشين هو عضو مجلس الشيوخ عن ولاية فرجينيا الغربية، وهو زعيم ديمقراطي وسط يصوّت أحياناّ مع الجمهوريين، كما يلعب لامب عضو الكونغرس عن ولاية بنسلفانيا، دوراً مماثلاً في مجلس النواب.
ومع ذلك، من خلال السيطرة على مجلسي الكونغرس في مواجهة الانهيار الجمهوري، وأزمة كوفيد-19 المتفاقمة، وفقدان الوظائف الجديدة، قد يكون بايدن في وضع أفضل بكثير من أي وقت مضى ليلعب دوراً مهماُ في الأشهر الأولى لتوليه المنصب مرتكزاً على دعوة روزفلت الذي قال في خطاب ألقاه خلال حملته عام 1932، والذي يحاول بايدن تقليده : “خذ طريقة وجربها، فإذا فشلت … حاول مرة أخرى لكن قبل كل شيء، جرب شيئاُ ما “.
المصدر Foreign Policy