هو عنوان فيلم سينمائي مصري أخرجه حسين كمال عام 1973 عن رواية لإحسان عبد القدوس تحمل الاسم ذاته، ولقي انتشاراً واسعاً لم يكن بسبب أهمية كل من الكاتب والمخرج، ولا أداء الممثلين النجوم الذين لعبوا الأدوار الرئيسية (نجلاء فتحي ونور الشريف ومحمود ياسين وكمال الشناوي)، وإنما بفضل الموسيقا التصويرية التي ألفها الياس رحباني، وطبعت على أشرطة الكاسيت بأعداد يصعب حصرها، فكانت المرة الأولى – عربياً – التي تلقى فيه الموسيقا مثل هذا الانتشار، بمعزل عن الفيلم الذي صُنعت لأجله.
لم تكن هذه الموسيقا أول نجاح للرحباني الثالث، فقد رافقه النجاح منذ مطلع عشرينات عمره الذي شهد بدايات تجربته في التأليف والتلحين الموسيقيين، المستقلة عن تجربه أخويه الكبيرين، برغبته – كما يقول عاصي – أو برغبتهم – كما يقول الياس – ومع ذلك ثمة التقاء خفي وراء هاتين الروايتين المتضاربتين، إذ تتحدث كلتاهما عن فارق العمر واختلاف التوجه، وقد يكونا في واقع الحال أمراً واحداً، ففي حين كان منطلق عاصي ومنصور البيئة المحلية، وخاصة الريفية منها، مع الترحال في التاريخ وحكاياته وإبداعاته الأدبية والموسيقية، وفي الوقت ذاته التواصل مع الموسيقا العالمية وتطويعها بما يتفق مع التجربة الرحبانية. فإن الياس مال إلى (المودرن والتكنيك الحديث) – على حد تعبيره – وعمل على إدخال الأغنية والدبكة المحلية في إطار عالمي، أو في إطار (الفرانكوآراب) كما هو حال دبكته الشهيرة (هالي دبكة) التي غنتها صباح واستضافها البرنامج التلفزيوني السوري (خيمة حماد) عام 1965. فكانت الأغنية حلقة في سلسلة من المشاريع المشتركة مع صباح أنتجت عدداً من أفضل أغانيها.
حقق توجه الياس رحباني هذا نجاحاً واسعاً في حقبة كان الانفتاح على الغرب في أوجه، ولعل من أشهر نجاحاته أغنية (موري موري) التي أدّاها سامي كلارك باللغة الإنكليزية، ونالت الجائزة الأولى في مهرجان روستوك بألمانيا الديمقراطية عام 1979. غير أن التوجه الغربي لم يكن خياره الوحيد، فبموازاته لحن عدداً كبيراً من الأغاني العربية لكبار الفنانين اللبنانيين، ومع حلول عام 1968 التقى مع أخويه الكبيرين في مسرحية (الشخص) حين لحّن لفيروز أغنية (ليل وأوضة منسية) ودبكة (بالنجمة وعدتك ونسيت)، وبقدر ما بدا هذا اللقاء مثل (عودة الأخ الضال)، فإنه كان في واقع الحال نكهة جديدة أضيفت إلى الروح الرحبانية، وتعمقت في مسرحيتي (ناس من ورق)، و(ناطورة المفاتيح) وبلغت أوجها بعد مرض عاصي في مسرحية (المحطة) عام 1973 حيث وضع الياس ألحان مقدمة الفصل الأول، وأغاني ودبكات (ليلة المحطة جمعتنا) و (رقصة زينة) و (دبكة المحطة) و (حنا السكران) و (رقصة الإطفائية) و (رقصة البدو) ثم تكرست كجزء أصيل من النسيج الغنائي الرحباني في اسكتش (قصيدة حب) في العام ذاته، ثم في مسرحيات (لولو) و(ميس الريم) و(بترا).
سبق موسيقا فيلم (دمي ودموعي وابتسامتي) تأليف الياس موسيقا فيلم (الشريدان) لدريد لحام ونهاد قلعي عام 1965 وفيلم (كلنا فدائيون) للمخرج الأرمني العراقي كاري كاربتيان الذي أنجزه في أوج العمل الفدائي الفلسطيني عام 1968، وأدى النجاح الباهر الذي حققه في فيلم (دمي ودموعي وابتسامتي) إلى تكليفه في العام التالي (1974) من قبل المخرج المصري هنري بركات بتأليف موسيقا فيلميه (حبيبتي) و (أجمل أيام حياتي)، والغريب في الأمر أنه حين وزعت جوائز السينما في مصر حصل فيلم (دمي ودموعي وابتسامتي) على عدة جوائز باستثناء جائزة الموسيقا التصويرية! فأثار الدهشة، وحُكي عن تحيز لجنة التحكيم المصرية للفنانين المصريين.
فهل كان ذلك حقيقة؟ وهل كان سلوك اللجنة محقاً؟ للحديث تتمة.
إضاءات – سعد القاسم