الثورة – جاك وهبه:
انطلقت اليوم فعاليات مؤتمر SYNC’25 II، الذي يُعد من أبرز الأحداث التكنولوجية التي تشهدها البلاد في السنوات الأخيرة، وذلك في فندق البوابات السبع (الشيراتون سابقاً)، بحضور عدد من الوزراء وشخصيات دولية ومحلية بارزة في قطاع التكنولوجيا وريادة الأعمال.
ويقود هذا الحدث نخبة من رواد الأعمال والمهندسين السوريين-الأميركيين الذين جاؤوا من وادي السيليكون في كاليفورنيا، حاملين معهم رؤية واضحة لصناعة مستقبل تكنولوجي سوري واعد، تحت شعار “هيا نقود التكنولوجيا”، وتمثل هذه المبادرة نقلة نوعية في مسار العلاقة بين سوريا والعالم الرقمي، بعد سنوات من العزلة التقنية والصعوبات الاقتصادية.
ويأتي هذا المؤتمر ليكون أكثر من مجرد حدث تقني، بل منصة استراتيجية تهدف إلى إعادة ربط سوريا بالشبكة العالمية للابتكار، وتعزيز تبادل الخبرات والمعرفة مع عقول وخبراء عالميين يشكلون العمود الفقري لأكبر شركات التكنولوجيا في العالم.
جسور معرفية
أحد المؤسسين الرئيسيين للمؤتمر المهندس باسل ياسين عجة، عبر لـ”الثورة” عن إيمانه العميق بالمواهب السورية، وقدرتها على المساهمة في قيادة التطور التكنولوجي رغم التحديات، واعتبر أن المؤتمر هو خطوة عملية باتجاه بناء جسور معرفية ومهنية متينة بين سوريا وبيئات التكنولوجيا المتقدمة، خصوصاً في وادي السيليكون، مؤكداً أن الرغبة في التغيير موجودة، والمهارات موجودة، وما ينقص هو المنصة التي تجمع الكفاءات بالفرص.
ويتميز المؤتمر في نسخته الثانية بغناه وتنوع محاوره، التي تشمل مختلف جوانب التكنولوجيا الحديثة، من هندسة البرمجيات إلى الذكاء الاصطناعي، ومن الابتكار الإداري إلى تسويق المشاريع الرقمية، وتأتي هذه الفعاليات لتستهدف شريحة واسعة من المهنيين، المهندسين، والطلاب السوريين الساعين إلى الدخول في عالم التقنية من أوسع أبوابه.
وعلى الرغم من التحديات اللوجستية، إلا أن عدداً كبيراً من الخبراء العالميين تطوّعوا للسفر إلى دمشق، إيماناً منهم برسالة المؤتمر وضرورته، وتعبيراً عن دعمهم لمواهب لم تنل فرصتها الكاملة بعد.
اللافت في انطلاقة هذا الحدث هو الحضور القوي للمغتربين السوريين، خصوصاً من الولايات المتحدة وكندا وأوروبا، الذين وجدوا في SYNC’25 II فرصة للعودة – ولو مؤقتاً – من أجل المساهمة في بناء ما يمكن بناؤه، ودعم بيئة تكنولوجية ناشئة تشق طريقها رغم الظروف، وعبّر العديد منهم عن دهشتهم من الطاقات السورية المتعطشة للفرص، ومن الإقبال اللافت الذي شهده اليوم الأول، الذي أظهر تعطشاً حقيقياً للتعلّم والانفتاح على التجربة العالمية.
بيئة عادلة
من جهتها أكدت المنسقة العامة للمؤتمر، ميسر تقي الدين، أن ما يميّز هذا الحدث هو روحه الشمولية، التي تحتضن النساء والشباب وأصحاب الأفكار الريادية من مختلف الخلفيات، سواء أكانوا من داخل سوريا أم من أبنائها المنتشرين حول العالم، وأشارت إلى أن المؤتمر يسعى إلى خلق بيئة عادلة تتيح فرصاً متكافئة للجميع، وتركز على بناء مستقبل لا يُقصي أحداً، إذ يجتمع السوريون في الداخل والخارج على هدف مشترك: بناء اقتصاد رقمي حديث يليق بإمكاناتهم.
وأعلن المؤتمر عن إطلاق برنامجين رئيسيين يهدفان إلى دعم المواهب السورية وتمكينها، الأول يركّز على رفع الجهوزية التقنية للعاملين في القطاع من خلال تدريبهم وتأهيلهم للعمل في بيئات تكنولوجية عالمية، أما الثاني، فيتمثل في مسابقة موجّهة إلى أصحاب المشاريع الريادية، إذ يتم تقديم الدعم والإرشاد لهم وربطهم بمستثمرين محتملين قادرين على نقل أفكارهم إلى حيز التنفيذ، وقد بدأت منذ اليوم الجلسات التعريفية والتدريبية الخاصة بهذه المبادرات، وسط تفاعل كبير من الحاضرين.
تماس مباشر
ويجمع المشاركون على أن المؤتمر يمثل لحظة تحوّل في علاقة سوريا بالتكنولوجيا، فهو لا يكتفي بنقل المعرفة، بل يزرع الثقة ويحفز المبادرة، ويضع الشباب السوري في تماس مباشر مع تجارب ناجحة عالمياً، ما يُعد خطوة عملية نحو مستقبل رقمي يليق بطموحاتهم، ويتوقع أن يكون لهذا الحدث أثر طويل الأمد، ليس فقط على المشاركين فيه، بل على البيئة التكنولوجية في سوريا بأكملها، التي تسعى بكل طاقتها للانخراط في الاقتصاد المعرفي.
يذكر أن فعاليات المؤتمر تستمر حتى مساء الغد، في وقت تتصاعد فيه الآمال أن يُشكّل SYNC’25 II نقطة انطلاق حقيقية نحو مشهد تكنولوجي سوري جديد، ينبض بالكفاءات، ويواكب تحوّلات العالم.