الملحق الثقافي: هفاف ميهوب:
في زمنٍ بات يحاصر الإنسان بكوارثه المتتالية والمرعبة، يغدو الوقت لديه أشبه بقنبلة موقوتة، لا يدري كيف ومتى تنفجر، فتشوه أو تدمّر أو تقتل الحياة التي يعيشها ويشعر باعتلالها، في ظلِّ الحروب والكوارث والأخطار التي قضت على عافيتها، بل وعلى آماله التي أصبحت من المستحيلات البعيدة جداً، بل المُبعدة.
هكذا بات إنسان هذا الزمان.. يخاف من الابتسامة والفرح فيتجهَّم، ويخاف من الحب والحلم والحياة فيتألم. يخاف من التفاؤل، فيترقَّب الغد بتشاؤمٍ غير عاقل ولا يتعقّل، ويخاف إن فكّر وأبدع، لأنه يرى العقول مستهدفة في عالمٍ يتنكّر لها أو يكفّرها أو يغتالها، خشية أن تقضي على ظلامية وحقدِ من يكرهُ أن يرى، حتى الشمس تسطع.
لاشكّ أنها ظاهرة قديمة، قدم الإنسانية التي استشعر الفلاسفة والحكماء مقدار ما يتفاقم الخوف فيها ويهيمن عليها، فيجعلها قلقة ومترقّبة ومستعبَدة وغير عقلانية، وهو ما سعوا للحدِّ من قيودِه التي تسبب الكثير من الاعتلالات الاجتماعية والعقلية والنفسية.
فعلوا ذلك، بالحكمة وفلسفة الوعي، وهما ما يحتاجهما اليوم الإنسان السوري. يحتاج استدعاء حقيقته الذي تجعله، حكيمٌ في تغلُّبهِ على خوفه، وشجاعٌ في مقارعته بالطريقةِ التي يقارع بها معاناته وظروفه.
نعم، هذا ما يحتاجه الإنسان السوري بعد أن أقام الخوف فيه، وبعد أن غلبهُ بالألم التي جعله يحاكيه:
«أيها الخوف، لستَ من شيمنا، فنحنُ أبناء الحكمة وصوتها – صوتنا.. هزمناك بصبرنا ومقاومتنا وتضحياتنا وإرادة حياتنا.. لكن، لم نهزم فيض الآلام التي تدفقت إلينا، إلى أن باتت فلسفةُ الحياة التي تؤرِّخها دموع أرواحنا، ودماء مآقينا.. لم نهزمها لأنها سكنتنا فاستسلمنا، ولأنها أيضاً باتت من شيمنا…
mayhoubh@gmail.com
التاريخ: الثلاثاء12-1-2021
رقم العدد :1028