نحن في العقد الثالث من القرن الـ 21 – نحن أعني العالم – وبقدر ما يقترب حال العالم في هذا القرن من حاله في الفترة ذاتها من القرن الماضي، هما يختلفان .. ورغم أن منطق التاريخ يقول: إن تطور البشرية يمشي قدماً إلى النمو الحضاري .. إلى الأمام .. إلا أنه في كثير من التوجهات العالمية لا نرى هذا التمايز في مطلع القرن الـ 21 بوضوح شديد .. وهناك كثير من التشابه بين القرنين في عديد الأمور.
في الوضع الفكري والثقافات العالمية المنتشرة .. يبدو التمايز لصالح القرن العشرين .. رغم أن العقائد والنظريات التي كرسها ذاك القرن كمعتقدات حزبية وحمل السلاح لنصرته .. أدت إلى حربين عالميتين وعدد من الحروب الأهلية. لكنها عبرت عن التزام بالأخلاق التي فرضتها تلك النظريات.. قديمها وحديثها.. بما في ذلك العقائد والأخلاق المرتبطة بالمعتقدات الدينية.
القرن العشرون كان حقبة تشكيل الفكر الذي نما في القرن التاسع عشر كمدارس وانتماءات وتحزبات لوضعها في الاستثمار .. في هذا الإطار كان صدق الالتزام ميزة طبعت المسيرة البشرية في القرن العشرين .. الالتزام بالأخلاق الدينية … القومية … الشيوعية.. الخ.
لكن هذا القرن ورغم عظمة الإنجازات والإبداعات التي ظهرت فيه.. انتهى إلى إعلان العجز والتراجع إلى اللا معروف .. أو اللا محدد .. فورث القرن الحادي والعشرون منه عجز وإفلاس النظريات مقروناً بالخجل من النتائج التي وصلت إليها التجارب والتطبيقات.
انتبه اليوم إلى القيم والسياسات التي تتبعها و”تؤدلج” لها التيارات والأحزاب العقائدية .. دينية كانت أم قومية أو سياسية أممية .. بل انتبه أكثر إلى العجز الفكري عن الجديد أو التجدد .. والكارثة في ذلك .. يعني إن افترضنا مثلا أن النصرة وداعش والقاعدة هي حالة تجدد للإخوان المسلمين..!! أو المواقف الخليجية حالة تجدد للفكر القومي ..!! وما تطرحه بعض المعارضات … حالة تجدد للفكر اليساري أو الأممي..!!
يتحد الجميع اليوم في حالة وقوف وتوقف .. مقرونة غالباً بما يشبه إعلان الإفلاس أو أنهم مفلسون دون أن يعلنوا..!!
هل هي الأحداث ومقتضيات ما جرى في العالم من حروب وتصدعات .. ؟؟ هي التي أوصلت إلى هذا العجز والتيه..؟!
لا شك أن لذلك دوراً رئيسياً .. لكن ليست وحدها العوامل التي أوصلت إلى هذا الإفلاس .. بل ربما هناك سر يكمن في الاقتناع وصدق الإيمان والتبني من الأصل .. لذلك لم تظهر الهمة الفكرية البشرية – حتى اليوم – لطرح جديد يمنع استمرار حالة تردي الأخلاق البشرية؟.
معاً على الطريق – أسعد عبود