الثورة أون لاين – فؤاد الوادي:
بين (الديمقراطية المزعومة) التي كانت حتى ما قبل (أحداث الكابيتول) عصا أميركا السحرية للاحتلال وللاستعمار وللابتزاز ، وبين (الديمقراطية المهزومة) التي هزمتها شعوذة الأقبية والغرف المغلقة التي كان ترامب فيها زعيماً لخلايا إرهابية على شاكلة خلايا داعش وأخواتها التي صنعتها بلاده في سورية والمنطقة ، هاهي أميركا تدخل النفق المظلم وهي تحمل على كاهلها هواجس تفكيك تلك الجدلية الوجودية التي خلقتها ارتدادات (زلزال) اقتحام الكونغرس (رمز الديمقراطية الأميركية) ، تلك الجدلية التي اقتلعت معها ما يعرف بالنمطية الأميركية التي قامت ونشأت عليها الولايات المتحدة منذ قرنين ونيف .
كل المواقف والإجراءات الأميركية التي تقوم بها الولايات المتحدة ، لا تزال في سياق ردود الفعل على الحدث الصدمة ، بما في ذلك محاولات عزل ترامب ومحاكمته هو وأنصاره الذين اقتحموا مبنى الكابيتول ، وهي محاولات ستزداد وتيرتها خلال الفترة المقبلة لمحو تلك الصورة التي شاهدها العالم ليس من ذاكرة الإنسان بل من ذاكرة التاريخ أيضاً .
لطالما اختبأت الولايات المتحدة ومنذ نشأتها خلف ديمقراطيتها المزعومة والتي لم تكن في حقيقة الأمر سوى قناع تخفي خلفه وجهها الوحشي الأبشع على مر التاريخ ، من أجل تحقيق مشاريعها الجيو استراتيجية في كل مناطق العالم ، لاسيما تلك التي تحافظ على وجودها كقوة مهيمنة وأحادية تمتلك زمام القرار الدولي ومفاتيح العالم .
خبراء استراتيجيون قالوا إن أميركا بعد (زلزال الكابيتول ) قد دخلت في النفق المظلم ، وهي باتت مثل أي دولة من دول العالم أسيرة لكل أشكال الاحتمالات والتوقعات التي شُرعت أبوابها على مصراعيها ، وكأنها أي أميركا قد فقدت أحد أهم مقومات تماسكها ، وربما بقائها كقوة عالمية عظمى خلال المرحلة المقبلة .
علينا أن نتوقع جميعاً مواقف وقرارات استثنائية تقوم بها ما يسمى الدولة العميقة في الولايات المتحدة ، وذلك في سياق إجراءات الإسعاف الرادعة لحفظ هيبتها وماء وجهها ، وهذا الأمر قد يفتح الباب على قرارات مجنونة تفوق بتهورها وجنونها قرارات ترامب ، ربما يكون الهدف منها وأد ودفن (جثة الديمقراطية الأميركية المتعفنة) في أعماق الذاكرة وبأسرع وقت ممكن ، ونعتقد أن هذا لن يكون إلا بقرارات تفوق بأبعادها كل التوقعات ، وهذا لن يتحقق من وجهة نظر بعض البراغماتيين إلا بإعلان حرب تلتهم نيرانها كل آثار وتداعيات أحداث الكونغرس ، ولعل الإعلان الأميركي عن دخول الكيان الصهيوني تحت مظلة القيادة المركزية الأميركية الوسطى «سنتكوم» التي مقرها دويلة قطر ، ربما يندرج في سياق التحضير الأميركي لتحولات دراماتيكية في البنية الجيو استراتيجية للعقل الأميركي والعالمي