الثورة أون لاين- ترجمة ميساء وسوف:
ربما يكون ما ينتظر الرئيس السادس والأربعين للولايات المتحدة جو بايدن في اليوم الأول لجلوسه خلف مكتب “ريسوليوت ديسك”، أطنانا من الوثائق والملفات السرية التي تصف مدى ضخامة كارثة الفيروس التاجي التي واجهتها بلاده على مدار العام الماضي، حيث دقت المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها (CDC) ناقوس الخطر بشأن تفشي المرض.
نظراً لأن عددا كبيرا من مقاطع الفيديو والصور تُظهر تزايد الحالات اليومية الجديدة في المستشفيات في جميع أنحاء الولايات المتحدة ، فقد اشتكى العاملون الصحيون في الخطوط الأمامية من النقص الكبير في إمدادات الحماية، كما أنهم يحتجون على الفوضى في توزيع اللقاحات، و يتعين على بايدن أن يواجه طريقاً صعباً للغاية، ليس فقط لأن الولايات المتحدة، الرائدة في العالم بنظام رعاية صحية متقدم، شهدت تجاوز عدد الوفيات بفيروس كورونا 400 ألف، وهو رقم مرتفع جديد، ولكن أيضاً لأن أزمة الصحة العامة غير المخففة كشفت عن مشاكل عميقة الجذور للحكم الأمريكي.
بينما قاد بايدن أول حداد وطني لضحايا فيروس كورونا في الليلة التي سبقت التنصيب، كما دقت أجراس كاتدرائية واشنطن الوطنية 400 مرة حداداً على 400 ألف شخص قضوا بسبب الوباء، إلا أنه ورث أيضاً فوضى كبيرة على الرغم من تعليق آماله على اللقاحات، ولكن بايدن أكد قبل تنصيبه أن العام الماضي اختبر الأمريكيين بطرق لا يمكن تصورها، وأن الوقت قد حان للتعافي والتغلب على هذه الأزمة معاً.
ولكن كيف؟ أثار العديد من الخبراء الصينيين والأجانب هذا السؤال أثناء طرحهم عدداً من القضايا التي تحتاج الإدارة الجديدة إلى التركيز عليها في إخراج الولايات المتحدة من أحلك لحظاتها، والنظر في بعض تجارب مكافحة الوباء التي أثبتت نجاحها في الصين في احتوائها لانتشار الفيروس، حيث سجلت الولايات المتحدة أكبر عدد من حالات الإصابة المؤكدة بفيروس كورونا، وبلغ مجموعها أكثر من 24 مليوناً حتى يوم الأربعاء الماضي، وهو ما يمثل 25 في المائة من الإجمالي العالمي. ومع 401777 حالة وفاة، فإن عدد الوفيات في الولايات المتحدة يتصدر أيضاً العالم، وهو ما يمثل حوالي 20 في المائة من العدد العالمي، وفقاً لبيانات من جامعة جونز هوبكنز.
وصف بعض المراقبين الصينيين الولايات المتحدة بأنها “الخاسر الأكبر لعام 2020” ، العام الذي يقاتل فيه البشر ويحاولون التعايش مع الفيروس، كما أدى رد الفعل الفاشل، والحكم الفوضوي والموقف غير المسؤول إلى فقدان البلاد التي كانت ذات يوم زعيمة العالم، لمكانتها العالية على الصعيدين الأخلاقي والسياسي، وأضاعت الولايات المتحدة كل الفرص الذهبية في المرحلة المبكرة، والتي تعود إلى أوائل كانون الثاني 2020 ، عندما شعرت بخطورة الفيروس الذي أدى إلى تفشي المرض في مدينة ووهان، فقامت بإجلاء مواطنيها من المدينة الصينية.
مركز السيطرة على الأمراض في الولايات المتحدة أبلغ في 21 كانون الثاني 2020 عن أول حالة COVID-19 مرتبطة بالسفر في الولايات المتحدة في ولاية واشنطن، ومع ذلك كان مسؤولو البيت الأبيض قلقين من عدم وجود اختبارات كافية، وانتقد بعض أعضاء الكونغرس إدارة ترامب لعدم أخذ تفشي المرض على محمل الجد على الرغم من أن الرئيس آنذاك دونالد ترامب أكد للجمهور أن الوضع “سيكون على ما يرام” في أوائل شباط.
وعلى العكس من ذلك أصبحت الولايات المتحدة الدولة الأكثر تضرراً من COVID-19 منذ آذار 2020 ، مع أكبر عدد من الحالات المؤكدة، والتي وصفتها وسائل الإعلام الأمريكية بأنها “علامة قاتمة”، وشهدت البلاد تسارع نمو الحالات المؤكدة الجديدة في الأشهر التالية، والتي وصلت إلى ذروة أخرى في تشرين الثاني عندما تم الإبلاغ عن مليوني حالة جديدة في غضون أسبوعين، و قالت شبكة CNN في تقرير في كانون الأول إن “عدد العائلات التي تحزن على وفاة أحد أفراد أسرتها بسبب COVID-19 يستمر كل يوم في النمو بمعدل مدمر” ، بمتوسط وفاة واحدة بفيروس كورونا كل 40 ثانية.
الأستاذ المساعد للصحة العامة بجامعة ييل تشين شي قال: “هناك مشكلتان رئيسيتان في معركة الولايات المتحدة ضد تفشي COVID-19، إحداهما نقص الاختبارات والأخرى هي نقص معدات الحماية الشخصية (PPE)”، وأشار إلى أن الحرب التجارية التي شنتها الولايات المتحدة ضد الصين والتي دامت عاماً كاملاً قد أثرت أيضاً على إمدادات معدات الوقاية الشخصية، بما في ذلك أقنعة الوجه، حيث استغرقت الولايات المتحدة بعض الوقت في أوائل آذار لمنح استثناءات من رسوم الاستيراد لعشرات المنتجات الطبية من الصين مثل أقنعة الوجه، حسبما ذكرت رويترز، على الرغم من أن الصين أنتجت حوالي 120 قناعاً لكل أمريكي، إلا أن بعض السياسيين، وخاصة أولئك المناهضين للصين في إدارة ترامب، رفضوا الاستماع إلى إرشادات مركز السيطرة على الأمراض من خلال رفض ارتداء الأقنعة.كما ذكرت صحيفة نيويورك تايمز في 13 كانون الثاني 2021 أن أكثر من 10 في المائة من أعضاء الكونغرس الأمريكي قد ثبتت إصابتهم بالفيروس، وأن 60 عضواُ على الأقل أصيبوا بالوباء منذ بدء انتشاره، بما في ذلك 44 جمهورياً و 16 ديمقراطياً.
وفي حين أن محاربة COVID-19 ستتصدر أجندة بايدن، فإن بعض الخبراء الصينيين الذين راقبوا عن كثب استجابة الولايات المتحدة لتفشي المرض يشككون في ما إذا كان التغيير في القيادة يمكن أن ينقذ أمريكا حقاً من الوباء، وقد اعتبر الكثيرون أن التلقيح الجماعي السريع قد ينجح، في حين تساءل آخرون عما إذا كان الرئيس الجديد يمكن أن يأتي بخطط تُنفذ بشكل منهجي وعلمي، والأهم من ذلك، لايزال السؤال المطروح هو ما إذا كان الرئيس الجديد يمكن أن يأخذ الأمر من منظور موضوعي وعلمي بعد عام من التسييس والاستقطاب للوباء في ظل إدارة ترامب.
وقال شين يي، الأستاذ بكلية العلاقات الدولية والشؤون العامة بجامعة فودان: “على الرغم من مرور عام، لا أعتقد أن أي سياسي أمريكي يفهم حقاً كيفية احتواء الوباء، إذا فهموا، فسوف يعكسون نظامه الطبي الذي كان مُوجهاً للربح ويجعلونه لخدمة شعبهم”.
وأشار إلى أنه على الرغم من أن بايدن قد اقترح عدة طرق لمكافحة الفيروس، إلا أنه لم يؤكد بعد على التعاون الدولي، وخاصةً التعاون مع الصين، الدولة الوحيدة التي نجحت في السيطرة على الوباء.
المصدر Global Times