الملحق الثقافي: هفاف ميهوب:
لا يظننَّ أحدٌ، أن القصيدة فقط، هي تلك الأبيات الشعرية المشطورة، أو غير المشطورة، المنثورة منها موزونةً أو حرَّة، بل القصيدة أبعد رؤى ورؤية، عما اصطلح لها أن تكون، فلا يمكن حصرها فيما سبق ذكره، كما لا يمكن حصر الشاعر بمن يكتب الشعر فقط، فالضوء قصيدة والشّمس شاعرته، والنور قصيدة والقمر شاعرهُ، وكلّ نجمةٍ بعيدة أو قريبة، هي قصيدة شاعرها الهواء، كما المرأة قصيدة شاعرها الهوى.
الجبل قصيدة، وشاعره صافون.. البحر قصيدة، وشاعره بوسيدون، وللكرومِ قصائد العنب يصوغها الشاعر خمرة روحٍ متعبة، والخمر المعتَّق في الجرارِ قصائد الأسرار.. زقزقة العصافير قصيدة، وشاعرها العصفور، كما البندقية قصيدة، وشاعرها الجندي المجهول.
الأم قصيدة، شاعرها الأبُ.. الأرض قصيدة، شاعرها التراب.. الحقل قصيدة، شاعره الفلاح. القمح قصيدة، وشاعرته السنبلة، وتنمو الحبّة حين يكون البرق قصيدة، وشاعره الرعد، لتملأ الدنيا سنابل على إيقاع المطر القصيدة، وشاعره بعل.
كلُّ شيءّ بين الفضاء والسماء، وبين السماء والأرض هو قصيدة، والقصيدة قد تكون رديئة أو جيدة. لا يهم، فنحن لسنا بصددِ تقييم مضمونها، إنما هي لفتةٌ وشوق حدسٍ، لنرى قصيدة الشّعر الإنساني، وقد اختزلت بأبجدية لغتها، كل القصائدِ في هذا الكون اللانهائي الشعور، واللانهائيّ العواطف، من أجل أن نرى كلّ شاعر، معتمراً إحساس تلك القصائد كي يكون.
فهناك شاعرةٌ تكنّى بـ «الزُهرة» وتُعرف بنجمة الصبح، وإيقاظ الهمم عندما، تكتب قصائد الحرب، وتُعرف هي ذاتها بـ «نجمة المساء» عندما تكتب قصائد القُبل، نجمةٌ شاعرةٌ للحبِّ والحرب.
كلُّ شيءٍ في هذا الكون قصيدة، وكلُّ صوتٍ قصيدة، من صوِت الكنار إلى أنكر الأصواتِ في الأشعار.
أصحابُ هذه الأصوات النكرة، هم من يكتب اليوم الشِّعر، ويطلقون عليه قصيدة، من عظمةِ قصائدِ وشعراء هذا الكون.
أيها القارئُ النبيل: كُن قصيدةً، شاعرها أنت..
mayhoubh@gmail.com
التاريخ: الثلاثاء26-1-2021
رقم العدد :1030