بحثاً عن زرع الثقة المتبادلة بين السينما والجمهور تأتي محاولة رائدة في إحداث المعهد العالي للفنون السينمائية وتأهيل دور السينما لاستكمال مابدأته السينما السورية على مدى سنوات وبخاصة ماشهدناه من رقيّ وجمال لأفلام سينمائية خلال الأعوام الماضية على قلّتها..
الإقناع الذي يبحث عنه الجمهور في العمل السينمائي والذي يستحق المتابعة يأتي قوامه في ركائز أساسية يمكن للمعهد العالي للسينما المتخصّص أن يقدّمها إذا ما كانت فكرة تأسيس المعهد ناجحة دون تخبّط يدعو للتجربة وإضاعة الوقت…
المعاهد المتخصصة ومراكز البحث العلمي والأكاديمي في أي مجال بما فيها السينما تحسم الموقف بالأرقام والحقائق، حيث تعتمد على الجدل والإقناع ووضع الخطط وتنمية المهارات والاعتماد على الحقائق والبيانات العلمية والفكرية والمبادئ المجردة، ولعل التجربة السينمائية السورية كوّنت قاعدة جماهيرية بأدواتها البسيطة، واعتمدت الاستمالة عن طريق ربط المحتوى بمواقف وصور تمسّ وجدان الجمهور ونالت رضاه…
تنوع وغنى وتطور وتوفّر الروافد الفنية يصعّب المهمة ويجعلها شاقة أمام وجوب توفّر إضافات يقدمها المعهد المتخصّص بالسينما لاحقاً، ونحن ننتظر آثاره بشكل واقعي وكلّنا أمل أن يضيف ويثري ويغني.
ننتظر التنوع بعد توافر العناصر اللوجستية في الكوادر والعروض والتأثيرات البصرية والإخراجية والموسيقى والأفلام الوثائقية والأفلام الكرتونية المتخصصة بالطفل ووسائل اتصال لها جاذبيتها لتأخذ أماكن ما أخذته وسائل التواصل الاجتماعي والانترنت واستثمارها بالشكل الأمثل لتأخذ حيّزها عند الجمهور يضاهي ويتفوق على الفضائيات والشابكات…
دعم السينما المتخصصة ورفع مستواها الفنّي والمهني وتشجيع عروض الأفلام داخل البلاد وخارجها وتمكين الإنتاج السينمائي وامتلاك أدواته من إخراج وسيناريو ومونتاج وصوت وتصوير ورسوم متحركة وتمثيل ومكياج وغيرها ينعكس إيجاباً على إثراء الثقافة العامة للمجتمع والتنوّع في الإنتاج يُحدث فرقاً عند الجمهور ويترك لهم الحرية في اختيار الفيلم المناسب وممارسة الحكم المستقل عليه وتقويم الفيلم من شتى جوانبه بعد انتهاء فترة العرض، دون إغفال النقد المتخصص، تأثير وتأثّر متبادل وآثار أفكار المحتوى والأبطال والأماكن والأزمنة والشخصيات والمواقف والعلاقات لابُدّ أن تترك أثرها في المتلقي بحسب بيئته الاجتماعية والثقافية، من هنا تأتي عملية الارتقاء بالمحتوى الاجتماعي والثقافي وجدواه في الحياة الإنسانية ضرورة فضلاً عن ملامسة الأحاسيس والوجدان والعقل بجوانب ومؤثرات قريبة من الناس وسلوكيات تساعد على إحداث التغيير واستمالة المتلقي بشكل إيجابي أكثر منه سلبي…
فرصة السينما كمكوّن ثقافي وفكري كبيرة لقدرتها على التأثير بشكل مباشر وغير مباشر ولأنها وسيلة تحريض فكري عن مبادئ وآراء خلّاقة تثمر خيراً في المجتمعات وتطورها.
رؤية -هناء الدويري