تزايد عدد ضبوط المواد الفاسدة والمنتهية الصلاحية مؤشر ذو حدين، فهو يعني أن ثمة عين تترقب المعامل والمستودعات وقادرة على أن ترصد مثل هذه المخالفات قبل وصولها إلى الأسواق، وأما الحد الثاني فهو الخطر الحقيقي الذي يمكن أن تسببه هذه المواد إذا ما تمكنت من العبور من هنا أو هناك تحت تواريخ ومسميات جديدة وفق أساليب ابتكرها من لا تهمه صحة المواطن بقدر ما يهمه تحقيق الأرباح وتلافي الخسائر.
وعند كلمة تلافي الخسائر يجب أن نتوقف ونمعن النظر لأن الارتباط كبير بين المواد الفاسدة ومنتهية الصلاحية وبين الأرباح والخسائر، وهذا يقود ضعاف النفوس نحو ارتكاب مخالفات جسيمة بل هي أكثر من ذلك فهؤلاء لايكتفون فقط بالاحتفاظ بالمواد الفاسدة بل إنهم يقومون بإعادة تصنيعها من جديد بتواريخ جديدة و في كثير من الأحيان يجري العمل على تغيير مواصفات المادة بالمطلق من خلال إدخالها في صناعة مواد جديدة، وهنا تبدو المشكلة الأكبر.
وفي تحليل منطقي يتساءل عن مصدر هذه المواد وعن سبب انتهاء صلاحيتها دون أن يحظى بها المستهلك أو تجد إليه سبيلاً يمنعها من أن تتحول إلى مواد غير صالحة للاستهلاك البشري، ووفقاً للتحليل فإن هذه المواد ما لم تكن في أساسها فاسدة ومجهولة المصدر فهي خاضعة بالتأكيد لما يسمى الاحتكار، وغالباً مايكون ذلك بغرض تحقيق مرابح في أسعار السلع حتى لو كان ذلك على حساب حرمان المواطن منها وصولاً إلى انتهاء صلاحيتها.
وأما السبب الآخر فهو مواز للأول ونتيجة طبيعية لعدم مقدرة المواطن على شراء هذه السلع بسبب ارتفاع سعرها، وبالتالي كسادها لدى التاجرأو المصنع، لكنّ الغير طبيعي لجوء هؤلاء إلى تفادي الخسائر من خلال تغيير تاريخ الصلاحية أو إعادة تصنيع المادة بدل عرضها بأسعار مقبولة قبل فوات الأوان.
وأعتقد أنه لهذا السبب بالذات جاء في قرار وزارة التجارة الداخلية الذي حظر التعامل بهذه المواد تحديد مهلة 15 يوماً لتسليمها وإتلافها وحسناً فعلت الوزارة لجهة القرار والعبرة في التنفيذ، لكن مايستوجب إعادة النظر هو العقوبة التي يستحقها من يتعامل بهذه المواد، والسؤال هل يكفي مبلغ 250 ألف ليرة وعقوبة سجن 6 أشهر لمنع ضعاف النفوس من ارتكاب مخالفاتهم الأكثر من جسيمة؟!
الكنز- رولا عيسى