الثورة أون لاين – دينا الحمد
شرُّ البلية ما يضحك ، فأميركا التي أسست التنظيمات الإرهابية المتطرفة وأدخلتها بالتنسيق مع أدواتها في منطقتنا إلى سورية والعراق وليبيا والمنطقة برمتها ، وأميركا التي نشرت الفوضى الهدَّامة والإرهاب في طول العالم وعرضه ، تصدر اليوم بياناً ترفع فيه مستوى الإنذار ضد الإرهاب في أراضيها ، أي إنها تقرُّ بارتداد الإرهاب إليها أو أنه متأصل في بعض العنصريين من مواطنيها ، وأنها بحاجة إلى الإنذار من تداعياته عليها .
أميركا اليوم تشير إلى مناخ من التهديدات المتنامية المرتبطة بمن وصفهم وزير أمنها الداخلي بالوكالة “بيت جاينور” بالمتطرفين العنيفين المناهضين للحكومة الفيدرالية ، لكن السؤال الآن هو : من الذي نشر العنصرية في الولايات المتحدة والعالم ؟ ومن الذي غذَّى التطرف والإرهاب الذي يحذر منه اليوم المدعو “جاينور” ؟!.
الإجابة عن هذا السؤال لاتحتاج إلى كثير عناء لفك شيفرتها ، فهذا مقتل “جورج فلويد” على يدي الشرطة الأميركية لمجرد أنه مواطن أسود خير شاهدٍ على من مارس العنصرية وغذَّاها ، وهذه سياسات الرئيس السابق دونالد ترامب التي جعلت المشهد العنصري يستعر بعد مقتل المذكور خير دليل ، ولهذا كله لا غرابة عندما تتحدث وزارة الأمن الداخلي الأميركية عن وجود العنصرية ، ولا غرابة عندما تقول على موقعها الالكتروني إنها لاحظت أن أعمال شغبٍ عنيفة وقعت خلال الأيام الأخيرة متوقعة أن تستمر التهديدات لأسابيع عدة .
ولا غرابة أيضاً أن يتحدث الصحفيون والكتاب الأميركيون عن تنامي ظاهرتي العنصرية والتطرف ، وينقلون الصور والأخبار العنصرية بكثافة على صدر كبريات الصحف الأميركية ، ولا غرابة أن يقرَّ الصحفي الأميركي “روبرت بريدج” بأن الصورة اليوم في أميركا باتت صارخة ولم يسبق لها مثيل في واشنطن العاصمة ، فقد كانت عاصمة مغلقة محاطة بالأسلاك الشائكة وآلاف الجنود يحاصرون شوارعها ، ولا غرابة أن يعترف بأن المتعصبين والمتطرفين لن يهدؤوا أو يهنؤوا بعد اليوم .
وليس غريباً أيضاً أن ينص تشريع مقترح داخل الكونغرس ومعنون “بقانون منع الإرهاب المحلي لعام 2020” على أن “المتعصبين والمتطرفين والتابعين لليمين المتطرف باتوا يشكلون إرهاباً محلياً ، وهو التهديد الذي يواجه الولايات المتحدة اليوم” كما يقول نص التشريع المذكور ، وليس غريباً أيضاً أن يلمِّح جو بايدن الرئيس الذي حل تواً في البيت الأبيض إلى ما أسماه حرفياً : “تصاعد التطرف السياسي وتفوق البيض والإرهاب الداخلي الذي يجب أن نواجهه وسنهزمه” ، فهذه هي أميركا التي أنتجت التطرف والعنصرية والكراهية والإرهاب والبغضاء وتحصد اليوم ثمار زراعتها