التحالف القيمي

في زمن الحروب والصراعات تصبح الحاجة ماسة لتعزيز الوحدة الوطنية وتغذية عناصرالانتماء بتصعيد الروح الوطنية والاشتغال على القواسم المشتركة، وكل ذلك في مواجهة الاستهداف الخارجي الذي يركز على ضرب الوحدة الوطنية وإحداث انقسام عمودي وافقي في المجتمع لجهة ضرب العقد الاجتماعي وفرطه وتشظيته، ومحاولة إيجاد اصطفاف فئوي أو جهوي أو عرقي ومذهبي وغيره من أشكال الخرائط الضيقة والسعي لتحويلها إلى هويات محدثة، تستقطب ولاءات فرعية بدل الولاء الوطني هنا تظهر بعض الأصوات التعويضية المهزومة الداعية أو العاملة على تحالف أو تحالفات فئوية بدل التحالف القيمي الوطني، الذي هو الوحيد العابر للخرائط الضيقة والقادر فعلاً على الحراسة الوطنية المديدة التي تشكل المظلة الوحيدة للحماية الفاعلة للوطن والمواطن والمؤهلة للاستمرار كحامل وحيد للكيانية السياسية والاجتماعية.

إن قصيري النظر يعتقدون أن دكتاتورية الزمن الصراعي لا تسمح بفسحة تأمل صادق للواقع وقراءته في ديناميته لا جموده، فيستعجلون فرص النجاة والخلاص الفردي الفئوي معتقدين، وهم واهمون في ذلك أن القوى الخارجية قادرة على حمايتهم وهي التي تريدهم أكياس رمل لحماية جنودها ومصالحها التي لا يمكن أن تتماهى مع المصالح الوطنية وفكرة السيادة، ففي هكذا ظروف وتحديات تصبح الحاجة أكثر للاحتماء بالهوية الجامعة لأنها مصدر قوة للجميع حتى لو كانت فاتورة ذلك الخيار مكلفة بشرياً، مادياً ولكنها بالمحصلة ربح وطني استراتيجي ونجاح في اختبار الوطنية الصادقة وغرس لمستقبل أكثر أملاً واستقراراً وثقة للجميع.

إن التحديات التي واجهتهما الهويتان الوطنية والقومية لأبناء الأمة العربية خلال السنوات العشر الماضية كانت اختباراً للجميع في إطار فكرة الوطن والانتماء بمستوياته وتعدده، لتبرز على السطح مسألة التعدد في الانتماءات ومدى تحولها إلى ولاءات وهويات متنحية تستيقظ بفعل التغذية التي تمارسها بعض وسائل الإعلام وغرفه السوداء ومنابر التطيف والتمذهب والعرقنة لجهة فك ارتباطها بفكرة ومفهوم الهوية الوطنية والقومية وهنا تبرز أصوات الشعبيين الجدد معتقدين أن فرصتهم التاريخية قد حانت لينقضوا بكل شراسة على النواة الصلبة في مفهومي الوطن والأمة، وهو العروبة الحضارية عبر جملة أكاذيب وادعاءات لنصوص تاريخية منحولة تنطلق من قراءة أيديولوجية وانتقائية للتاريخ وكأنه قطع أحجار يرتبونها وفق أهوائهم متناسين أن التاريخ هو حقائق قائمة في واقع جغرافي واجتماعي وثقافي، إضافة لما هو قائم في بطون الكتب التي تتمتع بمنهجية علمية في تناولها للتاريخ وأحداثه وحقائقه وليس ما دسه المستشرقون في كتاباتهم من تصورات هي نتاج مخيلات سياسية استعمارية قامت أساساً على عدائية لشعوب المنطقة انطلاقاً من تاريخ صراعي لم يتوقف.

إن قراءة ما تشهده الساحة العربية من أحداث وتطورات هامة طيلة مئات بل آلاف السنين ولايزال وسيستمر، وحجم التدخلات الخارجية الحاصلة فيه بمعزل عن تاريخ الصراع على المنطقة ومعها منذ أكثر من ثلاثة قرون قبل الميلاد وحتى الآن لا يمكن للقارئ من الوصول إلى خلاصات صحيحة ومقنعة، إن لم يضع في الاعتبار أن الاستعمار والتوسع والهيمنة ليست من أفعال الماضي بل هي ذاتها وإن حاولت ارتداء لبوس آخر بهدف التضليل والخداع، فأحداث التاريخ قد لا تتكرر ولكنها في المحتوى والمضمون لا تتغير فالنزوع للتوسع والتمدد الجغرافي ونهب الثروات وحمى العدوان والاستعمار لا زالت حاضرة في المخيلة الجماعية لأعداء الأمة، التي امتدت أمبراطوريتها في يوم ما من جبال الهيمالايا شرقاً إلى حدود الأطلسي غرباً ومن جنوب فيينا شمالاً حتى أدغال أفريقيا جنوباً، فتلك الصورة لا زالت حاضرة في حساباتهم الاستراتيجية وعنواناً ثابتاً في مراكز أبحاثهم ودراساتهم لتكون بالمحصلة في تصرف أصحاب القرار السياسي وعلى طاولته عندما يعتقد أن فرصة الانقضاض قد حانت في لحظة هاربة من التاريخ نعيشها راهناً بوصفنا أبناء أمة.

إضاءات – د. خلف المفتاح

 

 

 

 

 

آخر الأخبار
الشرع في لقاء مع طلاب الجامعات والثانوية: الشباب عماد الإعمار "أموال وسط الدخان".. وثائقي سوري يحصد الذهبية عالمياً الرئيس الشرع  وعقيلته يلتقيان بنساء سوريا ويشيد بدور المرأة جعجع يشيد بأداء الرئيس الشرع ويقارن:  أنجز ما لم ننجزه الكونغرس الأميركي يقرّ تعديلاً لإزالة سوريا من قائمة الدول "المارقة"   أبخازيا تتمسك بعلاقتها الدبلوماسية مع السلطة الجديدة في دمشق  إعادة  63 قاضياً منشقاً والعدل تؤكد: الأبواب لاتزال مفتوحة لعودة الجميع  84 حالة استقبلها قسم الإسعاف بمستشفى الجولان  نيوز ويك.. هل نقلت روسيا طائراتها النووية الاستراتيجية قرب ألاسكا؟       نهاية مأساة الركبان.. تفاعل واسع ورسائل  تعبّرعن بداية جديدة   تقدم دبلوماسي بملف الكيميائي.. ترحيب بريطاني ودعم دولي لتعاون دمشق لقاء "الشرع" مع عمة والده  بدرعا.. لحظة عفوية بلمسة إنسانية  باراك يبحث الملف السوري مع  ترامب وروبيو  مبعوث ترامب يرحب بفتوى منع الثأر في سوريا   إغلاق مخيم الركبان... نهاية مأساة إنسانية وبداية لمرحلة جديدة  أهالي درعا يستقبلون رئيس الجمهورية بالورود والترحيب السيد الرئيس أحمد الشرع يؤدي صلاة عيد الأضحى المبارك في قصر الشعب بدمشق بحضورٍ شعبيٍّ واسعٍ الرئيس الشرع يتبادل تهاني عيد الأضحى المبارك مع عدد من الأهالي والمسؤولين في قصر الشعب بدمشق 40 بالمئة نسبة تخزين سدود اللاذقية.. تراجع كبير في المخصص للري.. وبرك مائية إسعافية عيد الأضحى في سوريا.. لم شمل الروح بعد سنوات الحرمان