الثورة أون لاين – يمن سليمان عباس:
حين تقرأ رواية آخر المنازل للروائية الدكتورة سمر زليخة تجد نفسك أمام تجربة إبداعية مختلفة تماماً عما سبق ، ولأن رواية آخر المنازل تركت أثراً مهماً في المشهد الروائي كان هذا الحوار معها
س – هل هي تجربتك الروائية الأولى .. ؟
ليست تجربتي الأولى في الكتابة .. أصدرت قبلها ثلاث روايات : (حبة سكّر سمراء ، البازار الكبير ، على كفالة الموت ، بالإضافة إلى العديد من الأبحاث) ، أما عن نضج الرواية السردي فأرجو أن تكون كذلك ، وأن أكون قد وفقت في مسعاي إلى الكتابة بلغة سردية مختلفة نسبياً .
س – الرواية نصيب من الفلسفة .. لماذا ؟ ..
– بالنسبة إلى النوع الفلسفي المتعب في الكتابة الروائية ، التعب الأكبر يكون من نصيب المؤلف في إنجاز النص وتوجيهه هذه الوجهة ، وبالنسبة إلى القارئ الأمر ليس سهلاً أنا أقر بهذا ، لأنها ليست نمطاً من الكتابة السردية التي تنفعل بها شعورياً فقط ، بمعنى إنها لا تلامس المشاعر فقط إنما تتعداها لمحاولة جذب انتباه الحواس كلها وتشغيل العقل أيضاً لفهم خفايا النص وما الذي يرغب بقوله للقارئ .
أما لماذا هذا اللون ف لاعتقادي أن الروايات التي تناولت خبايا شعورية متنوعة وعاطفية ونفسية قد قيل فيها الكثير ، وربما لن أستطيع الإضافة كثيراً لما قيل ، أما عن الطابع الفلسفي والعملي أيضاً في الكتابة الروائية فهو مجال ليس سهلاً على الراغب بخوضه ، وهذا ما يستهويني في القراءة والكتابة أيضاً
س – هل ثمة خيال علمي يوشح وقائعها ..
– لا أعتقد أن الخيال العلمي بعيد عن الواقع ، ولا الفلسفة كذلك ، وربما تعمدت أن يكون الخيط الواقعي الرفيع الواضح في الرواية هو الجامع بينهما ، لأن ما حصلنا عليه اليوم من تطور كان ذات زمن خيالاً علمياً ، والفلسفة التي هي أم العلوم لم تكن كذلك في بداية نشوئها ، لذلك فأنا أعتقد بصحة (رفاعة) الخيط الواقعي ، فما فوق الواقع أو ما وراءه أبعد بكثير مما نراه أو نعتقد به ، وهو ما يمكن له أن يصبح واقعاً حين مستقبل ويغدو كذلك خيطاً رفيعاً يدلّ على ما وراءه بالفلسفة أو بالخيال العلمي ..
قد يكون خيالاً علمياً من وجهة نظر القارئ ، ويمكن ألا يكون كذلك لدى كثيرين ممن يعتقدون بصحة فرضية الأوتار الفائقة أو الأكوان المتوازية ، لكن من موقعي كمؤلفة لا أرى خيالاً علمياً هو كذلك بالمطلق ، بالتأكيد القصة هي خيالٌ أدبي ، غير أن الفرضية التي تعالجها الرواية قد لا تغدو كذلك بعد مدة ، من يدري !
س – ماذا في الجعبة الان ؟
– أعمل حالياً على رواية جديدة هي جزء ثانٍ لرواية آخر المنازل ، تدور في الفلك عينه وتتجاوزه في أحيان أخرى ، وثمة كتاب جديد أيضاً يتناول الجوانب الخفية في النفس الإنسانية(الذكر والأنثى) وطرق مقاربة الحياة من وجهة نظر مجتمعية .
بالإضافة إلى أني أسست دار نشر جديدة (ياسمينا) ، وفي طور الطباعة لبعض المؤلفات الانتقائية كمرحلة أولى ..
س – لماذا العنوان …آخر المنازل ..هل المقصود الوطن مثلاً ؟.
– آخر المنازل ، نعم أنا أيضاً أراه عنواناً جميلاً وقد أحببته ، لكنه لا يعني الوطن الأم ، يعني أنه المكان الأخير الذي تعتقد بإمكانية وصولك إليه ، أو المكان الذي تعتقد بعجزك عن تجاوزه ، لكنه لن يكون كذلك إن استمرت محاولاتك في تخطيه ..
س – لماذا الابن شخصية رئيسة للرواية ..؟
– الابن أتعب والدته هذا صحيح ، غير أنها هي التي كانت راغبة بالتعب ، ليست دعوة للتصالح مع الأسرة بقدر ما هي دعوة لقبول الأفكار الجديدة ، قد لا تكون الأم في الرواية هي الأم البيولوجية الطبيعية ، قد تعني القيد ، أو أي شيء آخر مصنوع من الخوف ، الخوف هو العثرة الكبرى في اجتياز الطرق الكبيرة ، هي دعوة للتغلب على الخوف والتردد في سبيل الحصول على أشياء ذات قيمة عالية .
س – لم اخترت الروايةكفن إبداعي ؟
– طبعاً مع الإشارة إلى أن بعضهم يضيف إلى هذا السؤال أن الرواية هي قصة كبيرة يمكن اختصارها في بضع جمل فلماذا الإطالة المرهقة ؟ وآخر يضيف أن لغتك في صياغة الأعمال الأدبية ليست للقراء العاديين والرواية في حاجة إلى لغة مبسط ة..
طبعاً في البداية اخترت الرواية لأنها النوع الأدبي الذي تصعب كتابته ، لا أحب الأشياء السهلة أو الأفكار البسيطة ، قد تبدو الرواية السهل الممتنع ، قصة لكن كيف تُدار ؟ البحث العلمي على الرغم من صعوبته يمكن إتقانه والقبض على نتائجه وفق مفاتيح وقواعد بحثية ، قد تقول إن الأمر عينه يحصل في الرواية فهناك تقنيات للسرد الروائي يمكن الاستناد إليها في إنجاز رواية ، طيب ماذا عن الناتج الشعوري ؟ هل يمكنك استنطاق الشعور الأدبي النفسي وفق تقنية ! أعتقد لا ، لأن الأمر متصل بالقارئ ومسراه النفسي حين القراءة ، وحين أستطيع أن أجعلك تمضي معي إلى آخر كلمة في الرواية وأن أترك في داخلك انطباعاً أنها عملٌ جيد فهذه غايتي من الكتابة الروائية ، أن يكون القارئ أسير اللغة والسرد والفكرة معاً ، وحين ينتهي من القراءة لن يضع الكتاب جانباً بل سيقوم بالسؤال والبحث عن إجابات ، وهذا ما أريده