الثورة أون لاين – ترجمة ميساء وسوف:
في الثالث من تشرين الأول2019 ، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في الجلسة العامة الأخيرة لنادي فالداي الدولي للحوار، إن روسيا والصين ستواصلان العمل معاً في استكشاف الفضاء الخارجي والتعاون في المجال العسكري التقني، وقال: “نحن الآن نساعد شركاءنا الصينيين في إنشاء نظام تحذير من الهجمات الصاروخية هذا مهم للغاية وسيزيد بشكل كبير من القدرة الدفاعية للصين، فقط الولايات المتحدة وروسيا لديهما مثل هذا النظام الآن”، كما أكد بوتين أن مثل هذا التعاون يدل على مستوى عال من الثقة بين البلدين.
تم تنفيذ أول الجهود الصينية لتطوير وبناء نظام BMEWS ورادارات تتبع دفاع مضاد للصواريخ كجزء من “المشروع المُجهض 640″، وهو عبارة عن محاولة لبناء نظام دفاع صاروخي استراتيجي صيني تم تشغيله في الستينيات والثمانينيات، ونتج عن “المشروع 640 ” بناء رادارين تجريبيين عاملين: رادار من النوع 7010 BMEWS ورادار تتبع من النوع 110، وقد تم استخدام كلا الرادارين لبعض الوقت من قبل الجيش الصيني.
جددت الصين تطوير النظام الأول في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين باستخدام بعض الخبرة المكتسبة من مشروع 640، وبدأت بناء رادارات بعيدة المدى في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، كما تم تجديد التجارب على مكونات الإنذار المبكر للصواريخ الباليستية الفضائية بإطلاق أقمار صناعية تجريبية، ولطالما كان التعاون التقني العسكري الروسي الصيني سرياُ إلى حد ما، وزاد مستوى السرية انخراط البلدين في مواجهة مباشرة مع الولايات المتحدة.
حددت وسائل الإعلام الروسية حتى الآن عقداً واحداً فقط يتعلق بتعاون BMEWS الثنائي مع الصين، وهذا العقد مخصص لتطوير برمجيات ذاك النظام والتي تبلغ قيمتها حوالي 60 مليون دولار أمريكي، وقد تم منحها لشركة روسية رائدة لأنظمة الدفاع الجوي والصاروخي.
من المحتمل ألا تكون هذه الاتفاقية الدفاعية الوحيدة بين البلدين، حيث من الممكن أن يتكون التعاون الثنائي من مجموعة من العقود الصغيرة التي تعالج مشاكل مختلفة في النظام الصيني.
تُعتبر هذه الأنظمة من أكثر المجالات تطوراً وحساسية في تكنولوجيا الدفاع، والولايات المتحدة وروسيا هما الدولتان الوحيدتان اللتان استطاعتا تطوير وبناء وصيانة مثل هذه الأنظمة، وقد كانت الأنظمة السابقة، الأرضية والفضائية غير موثوقة، ما أدى إلى العديد من الحوادث الكارثية خلال الحرب الباردة بعد التحذيرات الخاطئة من هجمات العدو.
إن التعاون التكنولوجي الذي ستقدمه روسيا سيساعد الصينيين على التغلب على الكثير من المشكلات في أنظمتهم، وسيؤدي هذا إلى تقليل احتمالية حدوث عطل في النظام، وبالتالي يكون له تأثير إيجابي على الأمن العالمي.
تتيح مشاركة الشركات الروسية في تطوير أنظمة الإنذار المبكر للصواريخ البالستية الصينية الوصول إلى قدر كبير من البيانات حول قدرات النظام، وهذا يدل على مستوى عالٍ من الثقة ويطرح مسألة التكامل المحتمل بين الأنظمة الروسية والصينية.
في حالة تكامل النظام، يمكن للمحطات الواقعة في شمال وغرب روسيا أن تزود الصين ببيانات تحذيرية. في المقابل يمكن للصين أن تزود روسيا بالبيانات التي تم جمعها في محطاتها الشرقية والجنوبية، وهذا سيمكّن البلدين من إنشاء شبكة دفاع صاروخي عالمية خاصة بهما، لكن لم تعلن أي من الحكومتين عن نيتها القيام بذلك حتى الآن.
أدى إدخال” قانون مكافحة خصوم أمريكا من خلال العقوبات” (CAATSA) إلى القانون الأمريكي الذي يسعى إلى معاقبة أولئك الذين يشترون الأسلحة وتكنولوجيا الدفاع من روسيا، إلى مزيد من السرية المحيطة بصفقات الأسلحة الثنائية لروسيا في السنوات الأخيرة، وقد كشفت تصريحات رسمية عن ثلاثة عقود رئيسية جديدة على الأقل لتصدير الأسلحة والتكنولوجيا الروسية إلى الصين في عام 2019.
وقد شهدت العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة بعد وصول بايدن إلى السلطة تطوراً إيجابياً واحداً عندما وافقت الولايات المتحدة على تمديد معاهدة تخفيض الأسلحة الاستراتيجية الجديدة (ستارت) لمدة خمس سنوات أخرى، على الرغم من ذلك، فإن آفاق العلاقات الروسية الأمريكية لاتزال قاتمة.
إن التعاون الدفاعي الروسي الصيني سيمكّن البلدين من تشكيل تحالف عسكري فعال وسريع إذا دعت الحاجة، لكن استراتيجيات السياسة الخارجية الحالية تجعل مثل هذه الخطوة غير محتملة ما لم يكن هناك خطر حقيقي ووشيك بحدوث صراع عسكري مع الولايات المتحدة.
المصدر East Asia Forum