الثورة أون لاين – سامر البوظة:
أثبتت الأحداث الأخيرة التي شهدتها الولايات المتحدة هشاشة المجتمع الأميركي، وكشفت مدى وعمق الانقسام الحاصل بين الساسة, والأخطر من ذلك كثرة الحديث عن “العنصرية” و”تفوق العرق الأبيض” و”النازيين الجدد”, التي رافقها انتشار واسع وكثيف لجماعات اليمين المتطرف عبر الفعاليات الجماهيرية والمظاهرات وأعمال العنف.
هذه الجماعات التي ازداد نشاطها منذ وصول دونالد ترامب للسلطة عام 2016, أصبحت تشكل خطراً وتهديداً حقيقياً للمجتمع الأميركي بسبب توجهاتها وأفكارها المتطرفة وهو ما اتضح جلياً خلال المظاهرات التي عمت معظم الولايات الأميركية احتجاجاً على قمع الشرطة واستخدامها للعنف بدوافع عنصرية, وهو ما تجلى أيضاً في الهجوم على مبنى الكونغرس يوم السادس من كانون الثاني الماضي, والذي نفذه متمردون ومتطرفون من أنصار “تفوق العرق الأبيض” بتحريض من ترامب بعد خسارته للانتخابات.
تلك الانتخابات وما رافقها من أحداث, أعادت إثارة القلق والمخاوف في الداخل الأميركي من عودة للحرب الأهلية, خاصة مع التفلت الكثيف للسلاح وعودة انتشار تلك الجماعات المتطرفة وتهديداتها المستمرة, وما أحدثته من شغب وأعمال عنف وفوضى, ويبدو أن تبعات ذلك ما زالت مستمرة, وهو ما يتضح من خلال التركيز الكبير من وزارة الحرب الأميركية في عهد الرئيس الجديد جو بايدن , بعد أحداث الكابيتول, على ضرورة مواجهة التطرف وإعطائها الأولوية القصوى, وهو ما عبرت عنه بالتقرير الداخلي الذي أصدرته مؤخراً حول التطرف ووجود “المتعصبين البيض” في صفوف الجيش, والذي يتناول كيفية التعرف على اتباع أفكار المتطرفين من خلال الوشوم والرموز لمنعهم من الخدمة مستقبلاً.
فهذا التقرير الذي أعد بتكليف من الكونغرس في تشرين أول 2020، وكشفت عنه شبكة “سي إن إن” الأميركية, يعطي نظرة مقلقة حول نشاط المتطرفين (تفوق العرق الأبيض) في الجيش الأميركي, ويقدم توصيات لتحديد المتطرفين ومنعهم من الخدمة.
وبحسب التقرير, فإن الآراء المتطرفة لم تكن منتشرة بشكل كبير في السابق، إلا أنه حذر من تفاقم الوضع لأن الأفراد ذوي الانتماءات المتطرفة مع الخبرة العسكرية هم مصدر قلق للأمن القومي للولايات المتحدة.
من جانب آخر لفت التقرير إلى حالة من الحرس الوطني السابق الذي هو عضو في مجموعة خطيرة من “النازيين الجدد”, وكيف كان يتفاخر بمناقشة وجهات النظر المتطرفة بشكل علني أثناء الخدمة.
وفي وقت سابق من هذا الشهر أجرت الإدارة تحريات حتى مع عناصر من الجيش حول قضية التطرف, وتم التأكيد على إلحاح المشكلة، بحسب تقرير الـ “سي إن إن”، الذي وجد أن ما لا يقل عن 27 من الأعضاء الحاليين أو السابقين في الجيش الأميركي يواجهون اتهامات فيدرالية فيما يتعلق بأعمال الشغب، في الوقت الذي يحظر فيه على أفراد الجيش المشاركة أو الدعوة إلى إيديولوجية التفوق والأيديولوجية المتطرفة الأخرى.
وركزت توصيات التقرير على الطرق التي يمكن من خلالها التعرف على أعضاء الجماعات الإرهابية المحلية والمتطرفة أثناء عملية التجنيد لمنعهم من الانضمام إلى الجيش.
وبموجب القانون، لا يجوز للجيش إجراء مراقبة على مواطني الولايات المتحدة، إلا أن الجيش يقوم بفحص ومراجعة منشورات وسائل التواصل الاجتماعي للمتقدمين للخدمة، ولكن البعض يوصي بضرورة إجراء تحقيقات أعمق وأكثر تدخلاً من قبل مكتب التحقيقات الفيدرالي أو غيرها من وكالات إنفاذ القانون المدنية، بحسب الشبكة الأميركية.
وتتمثل أحد التحديات الرئيسية لكشف المتطرفين، في تحديد الأوشام والرموز المتعصبة للعرق الأبيض وتكون موجودة على بعض من ملابسهم وهي تتراوح من المعروف إلى الغامض, فمثلاً يمكن للصليب المعقوف والأرقام والعبارات والصلبان أن تمثل جميعها أفكاراً وجوانب مختلفة من أيديولوجية التفوق العرقي.