وحدها الدهشة والحيرة مع إطلاق أسئلة يتبعها إشارات استفهام عدة هي لاشك تمهيد لإجابات غير مقنعة أبداً، أصبح إطلاقها بمثابة سمفونية صاخبة تصاحب مواطناً اعتاد القيام بجولة يومية على أسواق تزخر بشتى السلع والأصناف بأشكالها وألوانها، إلا أنها تبدو بعيدة عنه كل البعد رغم حاجته الماسة إليها كضرورة معيشية يومية غذائية أو استهلاكية أو غير ذلك.
إذ أن قدرته الشرائية محدودة للغاية وتكاد تصبح شبه معدومة في ظل واقع معيشي صعب جداً، وتجار سوق وباعة غابت عنهم الضمائر، ليجسدوا أبشع أشكال الاستغلال ويثبتوا تميزهم بأنهم حيتان لاتشبع.
فالمعادلة تبدو صعبة ومعقدة، ولامجال فيها لأي حلول، إذ كيف يجاري مواطن بدخل بسيط الارتفاع الجنوني للأسعار التي باتت وكأنها في حالة غير مسبوقة، فهي في سباق لم يعد يومياً بل أصبح يعتمد الآنية وترقب أسعار الصرف لحظة بلحظة ليزيد التاجر أسعار مواده وفق مزاجية تحكم مصلحته وربحه حتى بالرغم من أن سلعه وبضاعته مكدسة في محله وبسعر شراء قديم وليس بجديد.
ومسكين هو هذا المواطن الذي بدا لاحول له ولاقوة في المواجهة، ويئن تحت ضغط الظروف الصعبة ومشقة تأمين احتياجاته، والتي باتت عبئاً ثقيلاً تؤرق ليله قبل نهاره، وحتى بأبسط أشكالها لم يعد له قدرة على تأمينها، لدرجة أنه أصبح يقنع نفسه بأن جولته اليومية على السوق تحولت من جولة تسوق إلى حب اطلاع ولا شيئ أكثر.
الملفت أيضاً في ميدان الأسواق وعشوائيتها هو التباين الواضح في مشهد التسوق، فكما أن هناك من ضعفت قدرته الشرائية وحتى أعلن عجزه عن تأمين احتياجاته ليدونها في سجل الأحلام المؤجلة، هناك بالمقابل من يملكون القوة الشرائية الواضحة ويتسوقون من كل السلع والبضائع.
ومع كل التباين ومع واقع سوق يومي واضح للعيان، لايحتاج أدلة وبراهين تؤكد قساوته، تبقى الأسئلة المتداولة، أين هو دور الجهات المعنية في ضبط حالة الأسواق، ولماذا تغيب الرقابة عن أسعار يتم تجاوزها من قبل الكثيرين وترتفع بين ساعة وأخرى لتسجل أرقاماً قياسية، في الوقت الذي تتزايد فيه التأكيدات على ضرورة المتابعة وتكثيف الجهود لضبط الأسواق واتخاذ كل ما من شأنه تحسين الخدمات المقدمة للمواطنين.
حديث الناس – مريم إبراهيم