ليست هي المرة الأولى، ومؤكد لن تكون الأخيرة التي يتم بها وضع اليد على كميات كبيرة من اللحوم الفاسدة وغيرها من المواد الغذائية المنتهية الصلاحية التي تعلن عنها عناصر الرقابة بين الحين والآخر ولا تعكس كما يرى الكثيرون إلا عينات بسيطة من حجم التلاعب والغش في صحة وسلامة الناس التي سادت بشكل كبير خلال الفترة الماضية والسرقات الحاصلة لمواد أساسية تدعم من الدولة.
أكثر من نقطة يمكن التوقف عندها بخبر الكشف عن اللحوم الفاسدة بداية أنه خلق حالة من التندر في الشارع السوري “كما غالباً ” الذي تحمد الله على غياب أصناف اللحوم الحمراء وحتى البيضاء عن مائدته لارتفاع أسعارها الجنوني بما فاق بأضعاف دخله الهزيل كون اللحوم وجدت بمستودع مخصص لتزويد أفخم مطاعم العاصمة.
والنقطة الأهم أنه كشف مجدداً عن استمرار حالة الفوضى والفلتان الحاصلة بالأسوق وإن كانت بالأشهر الأخير فاقت كل منطق وجعلت الناس حقيقة تتحدث مع نفسها عند شراء أي مادة وصولاً لمرحلة أن الاقتصار على تناول الفول والحمص والفلافل بات يتطلب مبلغاً كبيراً بعد أن كانت تعد “عالبيعة” كما يقال مقارنة بمواد أخرى كاللحوم والبيض والألبان والأجبان والحضور الخجول لأجهزة الرقابة والكشف عن حالة تلاعب وغش هنا وهناك لا يلبي أبداً تسارع تغيير الأسعار اليومي ولا حتى حالات السرقات والفساد بالمواد المدعومة وفي مقدمتها الطحين الذي باتت مشاهدات تهريبه تحت جنح الظلام من بعض الأفران العامة ليصل للمخابز الخاصة حديث الناس وهؤلاء الفاسدون الوقحون لن يتوقفوا عن مخالفاتهم الفاضحة بكلام وتهديد يطلق من هذا المسؤول أو ذاك إنما بالضرب بيد من حديد وبقوة للفاسدين.
من هنا فإن تهديد ووعيد وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك لسارقي الطحين على وجه الخصوص والمواد المدعومة بأن عقوبات كبيرة تنتظرهم لن يقبض من قبل الفاسدين ولن يتعدى صداه قاعة الاجتماع نفسها إذا لم يكن السبيل الوحيد للتعامل مع الفساد والفاسدين هو التطبيق الفعلي للقانون والمضي في اتخاذ أشد العقوبات بمن يتلاعب بلقمة عيش الناس وعندما يشاهد الفاسد أن من سبقه بالفساد نال عقوبة صارمة سيفكر حتما مئة مرة قبل الإقدام على غش الناس وسرقة موادهم لذلك فإن الخطوة الأهم من الكلام والتهديد الإسراع بإصدار قانون حماية المستهلك الجديد وتهيئة الأدوات اللازمة لتنفيذه على الأرض.
الكنز – هناء ديب