تفقيس واستغلال

جاءت التحولات الكبرى في الإعلام السوري لاسيما المقروء بعد صدور قانون الاستثمار الشهير الذي صدر في مطلع التسعينات من القرن الماضي، وترافق مع الحصاد الذي بدأ بعد أن أتت استراتيجية التوازن الاستراتيجي ثمارها، من حيث النهضة الصناعية والزراعية، إذ بدأت الضائقة الاقتصادية التي مررنا بها، نتيجة الحصار الظالم لنا، تحولت المحنة حينها إلى منحة للاعتماد على الذات.
بدأ الاستثمار في أنحاء القطر كافة، من مشاريع صغيرة إلى متوسطة، وبغض النظر إن كان معظمه ريعياً، يريد الربح السريع، لكنه خلق فرص عمل، وغيّر الواقع وانتقلنا إلى مرحلة من تجاوز آثار ما كان.
التقط بعض الإعلاميين اللحظة والفرصة، فصدرت عشرات المجلات والدوريات ( الهلامية ) مولها أصحاب رؤوس المال فكنت تجد على الصفحة الأولى المعطيات التالية ( مجلة أسبوعية ..أو شهرية ..تصدر عن … رئيس مجلس الإدارة …
رئيس التحرير …هيئة التحرير للإعلان في المجلة يمكن التواصل مع …وغالباً هذه (المع) سرب من الفتيات الجميلات اللواتي يستطعن الوصول إلى أي مؤسسة خاصة أو عامة، وكان متاحاً أن تنفق أي شركة نسبة محددة للإعلان والدعاية، ما جعل الريع المالي سريعاً لهذه الدوريات أو المطبوعات، إذ غلب عليها الطابع الإعلاني، مع تمرير مجموعة مواد سريعة غالباً، هي مدفوعة الأجر من قبل من تهمهم، لقاءات رجال أعمال ومسؤولين إلخ…
أغرت هذه الحال من الربح السريع والتسويق الإعلاني الكثيرين، فاجتمع رأس المال الباحث عن الربح والشهرة مع من قدموا أنفسهم على أنهم إعلاميون، وحقيقة هم إعلاميون في الإعلام الرسمي وقسم كبير من خارج الوسط، ولولا أنهم كذلك لم ولن يتم التعامل معهم، لأسباب نعرفها جميعاً، ولابأس أن نذكر بها، وأولها : أنهم يتابعون (يبيضون) صفحة هذا أو ذاك، وكنت تعرف من خلال الخبر المنشور مدى.. حتى ليمكن القول: إن بعضهم صار ناطقاً رسمياً باسم هذه الشركة أو تلك، ولم تنج الشركات والقطاعات العامة من هذا.
واقع جعلك ترى (إعلامياً) دخل العمل منذ عامين أو ثلاثة يركب أحدث السيارات، ومظاهر الترف تبدو جلية واضحة، يتحدث عن شقة أخذها هنا، وعن محال تجارية بمكان كذا، وكنت ترى أعلام الصحافة مثل : يوسف المحمود، وحيدرعلي، ووليم مسوح، ومحمد مصطفى درويش، وصلاح الدين الزعبلاوي ومحمد قاسم، وغيرهم، تراهم.
قفز الكثيرون ممن تاجروا بالكلمة والحرف والإعلان إلى مواقع مهمة في الصحافة و تشابكت العلاقات، وكان على المستوى المهني أنك ترى الحسناوات وقد تسلحت كل واحدة منهن ببطاقة (صحفية ) أصدرتها المطبوعة التي تعمل بها، وليس اتحاد الصحفيين، تصول وتجول من محافظة إلى أخرى، وتنتظر المطبوعات هذه إلى أن يكتمل حصاد الإعلان فلا يمكن أن يصدر عدد منها دون أن يكون قد حقق ما تم وضعه من مبالغ مالية هي الربح الصافي للمطبوعة بعد احتساب حصة الجميع، لهذا كنت ترى مجلات تصدر كل نصف سنة، وبعضها الآخر شهرياً، تعرف من خلال تواتر الصدور أن الغلة جيدة.
تنبهت وزارة الاعلام لهذا الامر، وأصدرت قرارات بإلغاء ترخيص المطبوعات التي لا ينتظم صدورها، لكن الكثيرين كانوا تسللوا إلى الجسم الإعلامي وظلوا يمارسون مهنة جمع الإعلانات باسم مؤسساتهم، لكن ريعها لمكان آخر.
مرحلة استدعت تفقيس إعلاميين ومطبوعات تبخرت فيما بعد لانتهاء الريعية السريعة، لكن الآثار ظلت باقية في المشهد الإعلامي، وعلى ما يبدو أن الحظ حالف الكثيرين ممن ذاقوا عسل الإعلان، وجاءهم الفرج الريع منذ فترة بإحداث مواقع إلكترونية، وعادت دورة الريع السريع بتعاون أخذ مظهراً جديداً، ودخلنا طفرة التفقيس من المطبوع إلى الرقمي، ولهذا حكايات قد لا تنتهي، أو لا تروى.

معاً على الطريق – ديب علي حسن

آخر الأخبار
النسخة الرابعة لبطولة أبو ظبي للتنس كأس الدرع السلوية.. فوز ثانٍ للنواعير والأهلي مديرية إعلام اللاذقية توضح تفاصيل اعتقال خلية تخطط لاغتيال إعلاميين وناشطين   وزراء الإسكان العرب يناقشون دعم سوريا في إعادة الإعمار وتحقيق التنمية المستدامة  افتتاح مكتبي بريد "اعزاز ومارع"  لتوسيع الخدمات للمواطنين  " الاتصالات" لا تزال بطور البحث عن سبل تطوير الأداء    إدارة منطقة "الباب" تواصل لقاءاتها .. وتؤكد حرصها على تحسين الخدمات  عودة الحياة إلى مدرسة الطيبة الرابعة في درعا  نقيب معلمي سوريا يزور ثانوية مزيريب بعد حادثة الاعتداء   القبض على خلية إرهابية بعملية محكمة في اللاذقية  الشرع يبحث مع وزير الدفاع وقادة الفرق المستجدات على الساحة الوطنية  تحذيرات من "خطر "تناقص المياه  "نبض سامز": تدريب مكثف لرفع كفاءة الأطباء في إنقاذ الأرواح  النيرب معقل الوردة الشامية في حلب.. تعاون زراعي لتطوير الإنتاج  محافظة حلب تخصص رقماً هاتفياً لتلقّي الشكاوى على المتسوّلين   الاستجابة الطارئة لمهجري السويداء تصل إلى 84 ألف مهجر في مراكز إيواء درعا   صدور النتائج الأولية لانتخابات مجلس الشعب عن دائرتي رأس العين وتل أبيض  عودة 400 لاجئ من لبنان ضمن العودة الطوعية من الغياب الى الاستعادة.. إدلب تسترجع أراضيها لتبني مستقبلاً من النماء  "التربية": كرامة المعلم خط أحمر والحادثة في درعا لن تمر دون عقاب