مواجهة شياطين الصرف

ليس عيباً أن تتلكأ الجهات المختصة في كبح جماح سعر الصرف وتهدئة اضطرابه، ولاسيما في بلاد مستهدفة بقوة من أعدائها -بمنتهى الإجرام والممارسات العدوانية واللاإنسانية واللاأخلاقية- كبلادنا، فاضطرابات سعر الصرف هنا ليست ناجمة عن تلك الحالات العادية التي تمر بها بقية البلدان والتي تكون نتيجة أداء طبيعي معيّن بلا ضغوط لاقتصادياتها، سواء كان ذلك الأداء فاشلاً أم ناجحاً.

هنا الوضع يختلف تماماً، لأننا أمام حالة شاذّة لا تشبه حالات الدنيا كلها، فالحرب مُعلنة علينا ظلماً وجوراً وعدواناً من عشر سنوات بلا توقف، وأدت إلى فظاعات غير مسبوقة من القتل والتهجير والتخريب والدمار، والنهب والسلب وحرق المحاصيل وتدمير الكثير من مقدرات البلاد وبناها التحتية، إضافة إلى التضييق علينا من كل جهة وجانب، وفرض حصار رهيب تتجلى به أقصى حالات الإرهاب الاقتصادي فعلاً.

هذه الحالة الشاذة والخارجة عن المنطق والأخلاق والقانون، لا يفيدُ معها على الأرجح أي علاج عادي معروف ومتداول، وربما يحتاج إلى ابتكار علاج مختلف بعيد عن كل ما هو في البال، ومن هنا نقول بأن لا عيب في ذلك التلكؤ، فثمة شيء محيّر يحتاج إلى طاقات عقلية غير عادية لمواجهة شياطين الحرب والحصار والاقتصاد، لاسيما وأن التلكؤ بات واضحاً، فلا شيء على الأرض يوحي بغير ذلك، ومن يريد أن يبحث عن حلول عند بعض المرجعيات وبيوت الاقتصاد بمساندة الأنترنت -مثلما فعلتُ محاولاً البحث عن حل- فسوف يصل إلى جملة حلول متناقضة لن تفيد شيئاً، فالبعض يرى أن رفع سعر الفائدة -مثلاً- هو الحل الأنجح لأن هذا يشجع الناس على الإيداع في البنوك، والذي معه مبالغ من القطع الأجنبي يقوم بتصريفها إلى ليرات لإيداعها كسباً للفائدة المرتفعة، ما يؤدي إلى زيادة عرض القطع الأجنبي وانخفاض سعر صرفه، وزيادة الطلب على الليرة وارتفاع سعر صرفها.

غير أن البعض الآخر يرى عكس ذلك، أي تخفيض سعر الفائدة، لا بل والبعض يؤكد ضرورة تصفيرها، ويجنح آخرون للذهاب بعيداً إلى فرض فائدة سلبية أقل من الصفر، أي أن البنك يقتطع نسبة معينة من الإيداعات لدفع المودعين إلى سحب أموالهم والاتجاه بها إلى الاستثمار في غير البنوك ما يؤدي إلى زيادة الإنتاج وبالتالي تحسين سعر صرف العملة المحلية!.

وأمام مثل هذه المتناقضات التي لم نعد نعرف – في مثل حالتنا – ما هو الأنسب لنا، في الوقت الذي يتضح فيه أن هذا (الأنسب) بات حالة وطنية شاملة، ولم يعد مجرد مهمة روتينية تخصّ فقط القائمين على السياسة النقدية، ولذلك نقترح تشكيل خلية أزمة تضم كبار العارفين في المجال النقدي عملياً ونظرياً وأكاديمياً لاجتراح الحلول المبتكرة من خارج الصندوق كله، ونحن على يقين أن لدينا من الكوادر ما هو قادر على ذلك وبارع في ابتكار الحل، وليس عيباً أيضاً أن نطلب إعانة كوادر أصدقائنا، أما الإبقاء على حالتنا هكذا نتفرج بلا جدوى فهذا لن يزيد الأمور إلا تردّياً، ولن نصل إلى حل.. ولا إلى نهاية واضحة لهذا المسلسل الذي يبدو طويلاً.

على الملأ – علي محمود جديد

 

آخر الأخبار
بعد حسم خيارها نحو تعزيز دوره ... هل سيشهد الإنتاج المحلي ثورة حقيقية ..؟  صرف الرواتب الصيفية شهرياً وزيادات مالية تشمل المعلمين في حلب  استجابة لما نشرته"الثورة "  كهرباء سلمية تزور الرهجان  نهج استباقي.. اتجاه كلي نحو  الإنتاج وابتعاد كلي عن الاقتراض الخارجي  الهوية البصرية الجديدة لسوريا .. رمز للانطلاق نحو مستقبل جديد؟ تفعيل مستشفى الأورام في حلب بالتعاون مع تركيا المؤتمر الطبي الدولي لـ"سامز" ينطلق في دمشق غصم تطلق حملة نظافة عامة مبادرة أهلية لحفر بئر لمياه الشرب في معرية بدرعا السيطرة  على حريق ضخم في شارع ابن الرشد بحماة الجفاف يخرج نصف حقول القمح الإكثارية بدرعا من الإنتاج  سوريا نحو الانفتاح والمجد  احتفال الهوية البصرية .. تنظيم رائع وعروض باهرة "مهرجان النصر" ينطلق في الكسوة بمشاركة واسعة.. المولوي: تخفيضات تصل إلى 40 بالمئة "الاقتصاد": قرار استبدال السيارات مزور مجهولون في طرطوس يطلبون من المواطنين إخلاء منازلهم.. والمحافظ يوضح بمشاركة المجتمع الأهلي.. إخماد حريق في قرية الديرون بالشيخ بدر وسط احتفالات جماهيرية واسعة.. إطلاق الهوية البصرية الجديدة لسوريا الشيباني: نرسم ملامحنا بأنفسنا لا بمرايا الآخرين درعا تحتفل .. سماءٌ تشهد.. وأرضٌ تحتفل هذا هو وجه سوريا الجديد هويتنا البصرية عنوان السيادة والكرامة والاستقلال لمستقبل سورية الجديدة