هل جربت يوماً ما أن تكون بين نار الفعل والسؤال عن جدواه، هل تقبل على فعل ما دون أن تفكر بما سينتج عنه وإلام سيؤول ؟ لا أظن أن فعلاً هادفاً يمكن أن يقوم به أياً كان دون أن ينتظر حصاد زرعه، سواء كان قريباً أم بعيداً، فنحن محكومون (أمل حصاد ما نزرع)، نحن أو غيرنا، المهم أنه ليس في أرض بور، ولا في سبخات ملح، وقديماً عبر الشاعر العربي القديم عن هذا بقوله : أعلل النفس بالآمال أرقبها ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل.
وقريباً من هذا بصيغة أخرى القول المأثور : (إذا أردت مشروعاً تحصده بعد عام فازرع قمحاً… واذا أردت الحصاد بعد عشرة أعوام فاغرس شجرة، وإذا أردت حصاد مئة عام فعلم شعباً…).
وربما يمكننا أن نضيف إلى هذا كله، إذا أردت أن يسمعك أحد ما فارفع صوتك، قل كلمتك ودعها تصل إلى من يجب أن تصل إليه، ففي البدء كان الكلم، وهي مفتاح العلم والمعرفة، تحيي وتميت، تفرح وتحزن، فكيف ونحن اليوم نحيا بالكلمات التي هي مع ما يلفها صناعة إلاعلام والإبداع، والرسالة التي لم تعد حكراً على متلق دون آخر، ولا رسالة واحدة و بل متلونة كل لحظة.
من هنا يبدأ نار السؤال الأول: هل علي أن أقول كلمتي، ولمن أقولها، وكيف، ما التوقيت المناسب؟ أسئلة يجب أن تطرح في هذه المرحلة التي تداخل فيها كل شيء، ولم تعد تعرف من صاحب الكلمة المسؤولة، من غيره، ولمن يمكنك أن توجه رسالتك الإعلامية.
في المشهد الإعلامي السوري تحديداً دون غيره، ثمة من أوصل المتلقي إلى قناعة (أنه حكي جرائد ..ليس على الكلام جمرك ) وجمرك الكلام الفعل والتنفيذ، ما يسوقني إلى هذا ردود بعض الزملاء ممن تابعوا ما كتبته عن بعض القضايا الإعلامية كمهنة، وعن الكثير من متاعبنا، همومنا التي أورقت آلاماً بالروح والجسد، عادتي أن أنشر ما أكتبه في صحيفتنا على صفحتي الشخصية (الفيسبوك) وربما من باب التفاعل والتواصل ممن لايزعجهم أن أرسل إليهم ما أنشره على ( الوتس أب والتلغرام ).
مقياس ردة الفعل، يظهر مدى ما نحن فيه من يأس من جدوى الكلمة والكتابة، بل الرسالة الإعلامية كلها، يعلق أحدهم : ما نفع الكتابة، من سيرد عليك، ( ليش معذب حالك، كلهم يعرفون الواقع ) وقس على ذلك من الردود التي لا تفاجئك أبداً لو كانت من غير من يجب أن يكون زارعاً للأمل والعمل والفعل مهما طال الانتظار، قد تخزك بإبرة ناعمة، تسيل قطرة من ألم وتطرح عليك نار السؤال الثاني : هل علي أن أكتب، ومن سوف يستجيب، إذا لم يكن للكتابة من جدوى فما العمل ؟.
لكن تعود إلى لحظة الحقيقة، ليس بيد أحد ما عصا سحرية لتضع الحل مباشرة، ولا لتستجيب لمطلب ما، لكنك أيضاً تعرف أن ثمة صمتاً مطبقاً عند البعض تجاه ما يطرح في الإعلام، وهم يملكون القدرة على الفعل والتنفيذ، والحيلولة دون المزيد من الانحدار مما يحذر منه الإعلام، هذا نراه ونلمسه، وثمة آخرون هم جاهزون للمبادرة والاستجابة لكل ما يطرح من قضايا، بين الاستجابة وعدمها، ثمة مسافة حيرة في الاستمرارية، لكنها تبتر بسيف الامل، لا الألم، سنبقى نكتب، والكلمة زرع طويل، طويل انتظار حصاده، ربما قد يكون بعد ساعة أو عام أو عقد من الزمن، لكنها ( الكلمة ) سوف تورق وتبني مهما تعامى عنها الكثيرون (الكلمة الطيبة صدقة ) والصدقة لا تضيع، فكيف إذا كانت رسالة ..؟.
معا على الطريق- ديب علي حسن