لم يغال المسرحي سعد الله ونوس في رسالته عندما وصف المسرح بأنه” هو أكثر من فن، وأنه ظاهرة حضارية مركبة، وسيزداد العالم وحشة وقبحاً وفقراً لو أضاعها وافتقر إليها .. “
واليوم إذ يحتفل العالم بأبي الفنون لاشك هم يجددون إيمانهم بأهمية دور المسرح وخصوصاً في ظل التغيرات الاجتماعية والحياتية كافة التي تفرض أنماطاً جديدة من العلاقات نحتاج من يؤطرها ويوجهها في إطارها القيمي الذي يتلاءم مع قيمنا وإرثنا الحضاري، والمسرح هو الأقدر بتفاعله المباشر على بث الوعي بين الحضور ليكون واحداً من أهم منابر الأدب والثقافة والفنون.
وفي حراكنا الثقافي نتابع بين حين وآخر مسرحيات تستطيع أن تستقطب جمهورها من فئات المجتمع كافة، ولكننا لم نستطع الوصول إلى ثقافة نشر الحضور المسرحي
وتعميم أهمية المسرح في بث الوعي، وخصوصاً في مرحلة نتجه فيها إلى إعادة البناء، بناء الإنسان قبل بناء الحجر، فهو الكفيل بمواجهة تحديات العصر ومايعتري مجتمعاتنا من غزو ثقافي واجتماعي وقيمي، وهو القادر في الآن نفسه أن يترجم مشاعرنا ويصور خلجات قلوبنا ويعبّر عن أحاسيسنا ويمثل حياتنا بكلّ ما تحمله من آمال وآلام، وأفراح وأحزان.
وهنا لا يمكن تجاهل دور المسرح المدرسي والجامعي في خلق جيل قادر ومؤمن بقضيته ومتسلحاً بالثقافة والوعي والانتماء.
ولكن كثيرة هي شجون وشؤون”أبو الفنون” فلا يزال فرسانه يسطرون بأقلامهم تلك التحديات التي تواجه مسيرتهم وبانتظار أن تلقى آذاناً صاغية في تعزيز ودعم المسارح وبناء المزيد منها والوقوف إلى جانب المسرحي في مهماته الجليلة في زمن نحن أحوج ما نكون للمسرح لأنه ربما هو الأكثر قدرة على استقطاب الناس تحت راية الثقافة والإبداع والإمتاع والفائدة في آن.
فالدنيا كما قال شكسبير: مسرح كبير ولكلّ منا دوره، فهل نكون على قدر العزم في خلق مسرح يليق بحضارتنا ويزهو، ويعود لأبي الفنون مكانته كفعل ثقافي حضاري في مسارح تنهض من كبوتها تجديداً وتحديثاً وبناء وتقنيات تشهد عراقة وأصالة لاتزال تطال أعناقها عنان السماء؟.
كل عام .. المسرح والمسرحيون بألف خير.
رؤية- فاتن أحمد دعبول