ويذرف دموع التماسيح على معاناة السوريين أيضاً، إنه أنتوني بلينكن وزير خارجية أميركا الذي لم يكتفِ باستغلال جلسة مجلس الأمن الدولي الأخيرة لتسييس “العمل الإنساني” في سورية، بل تباكى على الوضع الإنساني الصعب الذي يعيشه السوريون، وأظهر نفسه وإدارته وكأنهم ملائكة يريدون مساعدة هذا الشعب “المنكوب بسياستهم”، وتناسى أنهم الشياطين وأصحاب الرؤوس الصهيونية الحامية الذين حاصروه ودعموا الإرهاب لقتله، وهم من جوعوه ومنعوا عنه الدواء والطاقة والغذاء.
تناسى بلينكن أن بلاده هي التي تسببت بهذا الوضع المأساوي للشعب السوري، وأن طائرات “تحالفه الدولي” المزعوم لمكافحة الإرهاب لم تلقِ قنابلها وصواريخها إلا فوق رؤوس الأبرياء، فقتلت الأطفال والنساء والشيوخ وأجبرت من بقي حياً على النزوح من قراهم وأراضيهم ومدنهم، وهي التي كانت تنقل الدواعش لتحميهم وتستثمرهم هنا وهناك.
تناسى بل تجاهل بلينكن أن جنود بلاده الغزاة هم من أحرقوا قمح السوريين وسرقوا نفطهم وثرواتهم، وأن إدارة بلاده السابقة هي التي أصدرت ما يسمى “قانون قيصر” وتابعت إدارته الحالية تنفيذه لتجويع السوريين وفرض املاءاتها وشروطها عليهم.
بلينكن تباكى كثيراً وذرف دموع التماسيح على ما سماه “إعادة فتح المعابر الحدودية إلى سورية” وتجاهل بشكل متعمد أن أداته التركية هي التي تمنع السوريين من العبور إلى قراهم ومناطقهم، وأن إرهابييه هم من يسرقون المساعدات الإنسانية القادمة إلى السوريين من هذه المعابر.
تباكى بلينكن على معاناة السوريين المستمرة وتجاهل أن بلاده الاستعمارية هي من صنعت هذه المأساة، وهي من شنت الحرب العدوانية على السوريين واستمرت بها إلى يومنا، لا بل إن المفارقة الصارخة أن الوزير الأميركي يتحدث عن “القيم الإنسانية” وهو يعرف تماماً أن استخبارات بلاده وقواته الغازية داست على كل القيم الإنسانية والحضارية، وأفلتت كل مرتزقة الأرض ليعيثوا قتلاً وفساداً وإجراماً على الأرض السورية وينسفوا كل قواعد القيم المتعارف عليها بين الشعوب.
ولم ينس بلينكن أن يتحف المستمعين بعباراته عن سيادة الدول، متجاهلاً أن إدارته العدوانية هي من انتهكت سيادة سورية واحتلت جزءاً من أرضها، وهي من تتعمد تجاهل المطالب الدولية باحترام السيادة السورية.
مارس بلينكن الدجل السياسي ولام القوى الدولية على ما سماه تقصيرها، وقال “عليها أن تخجل من عدم تحريكها ساكناً تجاه السوريين”، وهنا وفي هذه العبارة بالذات كان الوزير الأميركي “صادقاً” حتى التخمة، فهو وبلاده وتلك القوى عليها أن تخجل فعلاً، ولكن على جرائمها بحق السوريين، وعليها أن تخجل من انتهاكاتها الفظيعة لحقوق الإنسان في سورية، وأن تخجل من نفسها لأنها ارتكبت جرائم حرب موصوفة بحصارها الظالم وبإرهاب “قيصرها” وبإجراءاتها القسرية أحادية الجانب.
لكن الوزير الأميركي لم يدرك أن السوريين والرأي العام في مختلف أصقاع الأرض خبروا جيداً شعاراته الإنسانية المزيفة، ومتاجرة بلاده بحقوق الإنسان، ودفنها للنفايات النووية في أكثر من بلد وسرقة ثرواتها تحت مزاعم تقديم المساعدات الإنسانية، وخبروا جيداً أساليب التضليل التي يمتهنونها كل مرة.
نبض الحدث -بقلم مدير التحرير أحمد حمادة: