السوريالية.. العالم الموازي

 

الملحق الثقافي:أمين غانم:

«السوريالية آليَّةٌ نفسيّةٌ محضة، يُلتمَس بوساطتها التعبير شفوياً، أو كتابياً، أو بأيِّ طريقةٍ أخرى، عن وظيفة الفكر الحقيقية.
إملاءُ الفكر في غيابِ كلّ رقابةٍ يمارسها العقل، وخارج كلّ اهتمامٍ جمالي وأخلاقي..»
بيانٌ أطلقه الفرنسي «أندريه بريتون» عام 1924معلناً طريقة مدهشة لتحطيم المفاهيم القديمة، وإنشاء عالم جديد متحرِّك، عالم من الكلمة، أو اللون، أو أيّ شيءٍ يساهمُ في صناعة الجمال، أو ربما كشف اﻷعماق الموحشة والرغبات غير المُحقَّقة، ضمن صورٍ شعريَّةٍ أو لونية.
فاتجهت السوريالية نحو الداخل المترابط – كما يظهر وهماً- واعتمدت على الخيال في كشفِ وخلقِ عالمٍ جديد، بدأ رافضاً للواقع كليَّاً، ثم التصق به التصاقَ الظلِّ بالضوء.
اعتمدت على الخيالِ الذي استحضره السوريالي، من خلال ممارساتٍ متنوعة، فاعتمد أولاً على تشويشٍ تامٍ لقدراته العقلية والحسية، ليطلق خياله الذي لا يمكن تأطيره اجتماعياً وعقلياً، وذلك بتحطيمِ المنطق إلى فكرٍ حرٍّ لا يخضع ﻹدراك الحواس.
اعتمدت السوريالية على الكتابة اﻵلية، حيث يقدم الشاعر- الفنان نفسه، بقوة حلمه، فوضى حلمه وهذيانه، وتجاوز الواقع إلى معرفةٍ مباشرة للعالم، وإلى تفجير داخلي في المفاهيم السائدة واللغة المتداولة، وذلك بغسلها من معانيها السابقة، وخلق علاقة أكثر إثارة بين الكلمة وجارتها، كما العلاقة اﻷكثر غرابة بين مكونات العمل الفني، والتي لا نجد لها انسجاماً في الواقع، لكنها تحقِّق صدمة جمالية، ولذة تجدّد اﻹنسان لمحيطه.
استعادت السوريالية – بالكتابة اﻵلية – طاقات الخيال الضائعة بسبب أحكام العقل وإملاءاته، وحجبه للحقائق الكلية التي تجمع عمق البشري.
ومع أن السوريالية أسقطت العقل النقدي على اﻷعمال اﻷدبية الفنية، غير أنها رأت أن التقاطع الحقيقي والانسجام في الطبيعة البشرية، هو الغوص والغرق في الذات، ونبش الحقائق الداخلية لهذه الطبيعة، فاعتمدت على الاكتشافات الجديدة للتحليل النفسي الفرويدي، ووصلت إلى تعرية النفس إلى أقصى وضوحها، وخلق ثورة جمالية – الكشف هو المكوَّن اﻷول لها.
الكشف الذي يشوِّش اليومي المبتذل، إلى الديمومة الكلية، والوجود الكلي، ما سماها السورياليون النقطة العليا، وتحديدها لنهل وجودٍ آخر منها.
كما أشار «بريتون» إلى وجود هذه النقطة الكامنة في الفكر، حيث لا تناقض فيها بين الحياة والموت، الحلم والواقع.
السوريالية حركة فنية أدبية، جاءت ردَّاً على بشاعة الحرب العالمية الثانية، فتأثَّرت بالكشف الفرويدي، غير أنها واصلت ما كشفته الحركة الدادائية التي سبقتها.
فكانت السوريالية هي الدادائية، ضمن أنشطة فنية متحزِّبة، ما لبث أن انحلَّ هذا الحزب باتفاق جميع الفنانين واﻷدباء، الذين لم يحقق لهم أيّ حزبٍ كان تطلعاتهم وفكرهم.

التاريخ: الثلاثاء6-4-2021

رقم العدد :1040

 

آخر الأخبار
قمة فوق سوريا... مسيرات تلتقي والشعب يلتقط الصور لكسر جليد خوف التجار..  "تجارة دمشق" تطلق حواراً شفافاً لمرحلة عنوانها التعاون وسيادة القانون من رماد الحروب ونور الأمل... سيدات "حكايا سوريا" يطلقن معرض "ظلال " تراخيص جديدة للمشاريع المتعثرة في حسياء الصناعية مصادرة دراجات محملة بالأحطاب بحمص  البروكار .. هويّة دمشق وتاريخها الأصيل بشار الأسد أمر بقتله.. تحقيق أميركي يكشف معلومات عن تصفية تايس  بحضور رسمي وشعبي  .. افتتاح مشفى "الأمين التخصصي" في أريحا بإدلب جلسة حوارية في إدلب: الإعلام ركيزة أساسية في مسار العدالة الانتقالية سقوط مسيّرة إيرانية بعد اعتراضها من قبل سلاح الجو الإسرائيلي في  السويداء.. تصاعد إصابات المدنيين بريف إدلب تُسلط الضوء على خطر مستمر لمخلفات الحرب من الانغلاق إلى الفوضى الرقمية.. المحتوى التافه يهدد وعي الجيل السوري إزالة التعديات على خط الضخ في عين البيضة بريف القنيطرة  تحسين آليات الرقابة الداخلية بما يعزز جودة التعليم  قطر وفرنسا: الاستقرار في سوريا أمر بالغ الأهمية للمنطقة التراث السوري… ذاكرة حضارية مهددة وواجب إنساني عالمي الأمبيرات في اللاذقية: استثمار رائج يستنزف الجيوب التسويق الالكتروني مجال عمل يحتاج إلى تدريب فرصة للشباب هل يستغلونها؟ تأسيس "مجلس الأعمال الأمريكي السوري" لتعزيز التعاون الاقتصادي بين دمشق وواشنطن تسهيل شراء القمح من الفلاحين في حلب وتدابيرفنية محكمة