الثورة أون لاين:
ونحن اليوم نعيش ذكرى الجلاء الذي عُمِّد بالدم ولم ليكن لولا النضال الدؤوب الذي خاضه السوريون وما زالوا.. مواجهة عسكرية اجتماعية وفكرية وسياسية أتت ثمارها في السابع عشر من نيسان عام ١٩٤٦ م .. وما زالت المعركة مستمرة من أجل الجلاء النهائي الذي يتحقق بتحرير كل شبر من أرضنا السورية والعربية من براثن العدو الذي زرعه المستعمر الغربي قبل اندحاره من المنطقة.
سواء الفرنسي ام البريطاني فكلاهما وجهان لعملة رديئة خبيثة هي استعمار الشعوب والعمل على تفكيكها وزرع الألغام في طريق تقدمها ونموها.
وهذا ما فعلته فرنسا في سورية وبريطانيا في فلسطين وكل منطقة احتلتها.
في سورية دخلت فرنسا سورية ومساحة سورية أضعاف ما هي عليه ولم تخرج منها إلا وقد بترت منها أجزاء وعملت ما استطاعت منذ دخولها سورية على تقسيمها إلى دويلات عرقية وطائفية.. لكنها لم تستطع أن ترسخ ذلك بفعل الوعي السياسي والاجتماعي والقومي الذي يتمتع به السوريون بغض النظر عن وجود بعض ضعاف النفوس في كل مكان.
فحين ادعت فرنسا أنها جاءت لتحمي الأقليات في سورية كانت غضبة الشعب السوري كبيرة من هذا الادعاء فوجه أبناء سورية ممن ادعت أنها جاءت لحمايتهم وجهوا رسالة احتجاج إلى فرنسا ومما جاء فيها (إن الزعم بحماية الأقليات يتعارض وتحقيق الوحدة الوطنية التي نطالب بها جميعاً مهما يكن المذهب الذي ندين به .. ونحن مسيحيو سورية لسنا أقلية جنسية ولا أقلية حقوقية فإن الدم الذي يجري في عروقنا واللغة التي ننطق بها والأصل والتاريخ المشترك الذي يؤلف وحدة جامعة بيننا .. لقد كنا مسلمون ومسيحيون يداً واحدة في وضع الدستور السوري ولنا جميعا ذات الحقوق والواجبات..).
ويروى أن أحد المطارنة قال لو كان الرب فرنسياً لكفرت به..
طبعاً رداً على ما ارتكبته فرنسا من جرائم وفظائع..
ويروي هاشم عثمان في كتابه المهم تاريخ سورية الحديث أنه بعد توقيع معاهدة الاستقلال عام ١٩٣٦م بين سورية وفرنسا ذهب رئيس الوكالة اليهودية إلى رئيس فرنسا حينها واعترض على المعاهدة لأن استقلال سورية يمنع قيام الوطن القومي لليهود كما يسمونه..
وعرض عليه فكرة اشغال ذلك بقضية لواء إسكندرون وذهب وايزمن إلى تركيا وحرضها على المطالبة بلواء الاسكندرون وبدأت القضية هكذا ثم تم تعطيل معاهدة الاستقلال بين سورية وفرنسا..
وكيفما كانت المعاهدة فلم تكن إلا نتيجة للنضال الذي امتد من الساحل إلى الداخل إلى الثورة السورية الكبرى إلى ثورة الغوطة ودير الزور إلى النضال ضد الفرنسي.. وقد توج هذا النضال كله بالجلاء الذي يبذل السوريون الغالي والنفيس لصونه والوصول به إلى نهاياته الكبيرة بتحرير كامل التراب المغتصب..
وسورية اليوم تصون ليس استقلالها وسيادتها وجلاءها وحدها إنما الكرامة العربية والإنسانية.. الجلاء نضال مستمر أنجزه الأجداد ورسخه الآباء ويكمله الأبناء ليبقى الوطن حراً أبياً عالياً.. الجلاء فعل حياة وإرادة شعب وثقافة مواجهة تتكامل في كل الاتجاهات لتصب في يوم النصر القريب الذي يصنعه الجيش العربي السوري.