ترسيخ دعائم المواطنة.. بنيان شاهق بوجه التحديات

الثورة أون لاين- عبد الحميد غانم:

سعى السيد الرئيس بشار الأسد منذ انتخابه رئيساً للجمهورية العربية السورية إلى ترسيخ دعائم المواطنة، ونشر ثقافة الانتماء والالتزام الصحيح بقضايا الوطن ومبادئه، باعتبار الوحدة الوطنية والمواطنة قاعدة كل بناء وتطور، وأساس صمود سورية شعبا وقيادة وجيشاً ودولة في وجه التحديات الداخلية والخارجية.
ولأن الحرب التي استهدفت سورية من بدايتها كانت أساساً تسعى إلى ضرب الوحدة الوطنية القائمة على المواطنة الإيجابية والسلم الأهلي والعيش المشترك والاندماج الذي مازالت ولا تزال تتمتع به سورية، فقد عملت أطراف التحالف الصهيو-أطلسي- الرجعي العربي وأعداء الداخل منذ اليوم الأول على العبث بالوعي وبالهوية والانتماء، وبالوحدة المجتمعية والوطنية، وأعدّت مسبقاً لذلك شعارات، وأموالاً، وسلاحاً، ومخيمات أيضاً.
وحين أرهقها صمود وتحالف الجيش والشعب خلف القيادة السياسية بقيَمها وثوابتها الوطنية عمدت أطراف هذا التحالف الشرير إلى محاولة إضعاف كل نقاط القوة في المجتمع السوري التي كانت متينة وراسخة على الأرض وفي الوجدان، حيث تم دعم الإرهاب والتخريب والقتل والفوضى بأشكالها المختلفة وصولاً إلى العقوبات الاقتصادية والحصار، وليس انتهاء بالاحتلال والإحلال ببعديهما المادي والمعنوي، حيث تم اصطناع بيئات شاذة حاضنة للتطرّف والإرهاب لتكون مضادة للبيئة الوطنية التي كانت سائدة وشكلت عامل التحصين الأول في حماية سورية بمراحل سابقة من المواجهة مع الأعداء والتحديات الخارجية.
كما حاولت أطراف العدوان العبث بالمفاهيم المستقرة معرفيّاً ووطنيّاً للدولة السورية، في مسعى منها لتجهيل أطياف واسعة من المجتمع بحدود هذه المفاهيم، فحاولت إسقاط الدولة بمكوّناتها المادية: (الأرض والشعب والثروات) والروحية (القيم والأخلاق والحقوق والواجبات والمصالح) من خلال الزعم بضرورة إسقاط حكومتها، لكن تأكد لكل سوري أن القيادة السورية حافظت على الدولة بمكوناتها المذكورة وحملتها وحمتها وصانتها من كل الهجمة الخارجية.
وقد استطاعت سورية خلال سنوات الحرب أن تسحب الذرائع من أعداء الداخل والخارج، كما أظهرت بجلاء وبحكمة وحنكة أنها قادرة على التخلص من أمراض الماضي والحاضر، من خلال تبنيها لسياسات متطورة ومنفتحة باتجاه ترسيخ ثقافة المواطنة والارتقاء بالمجتمع وبأفراده إلى المستوى الذي يحاكي الحاضر والمستقبل برقيه وتقدمه.
وللتذكير فقط، ليست المواطنة وصفة جاهزة يمكن تطبيقها بصورة آلية على المجتمع عندما تتوفر الرغبة في ذلك، وإنما هي سيرورة تاريخية، ودينامية مستمرة، وسلوك يكتسب مع مرور الوقت، من خلال الممارسة اليومية لها، في ظل مجموعة من المبادئ والقواعد، وفي إطار مؤسسات رسمية وآليات عمل تضمن ترجمة مفهوم المواطنة على أرض الواقع؛ ومن الطبيعي أن لا تتطابق معايير المواطنة ومتطلباتها بين دولة وأخرى، بل هي محكومة باختلاف الثقافات والحضارات، والعقائد والقيم، ومستوى النضج السياسي لدى أفراد المجتمع.
ففي سورية جاء تبني مفهوم المواطنة والسلم الاجتماعي مبنياً على مقومات وأسس تعتمد الواقع المعيشي وتراكمية التطور الحضاري للمجتمع السوري المنفتح بوعي وعقلانية على كل الثقافات العالمية والمحيطة.
وقد أكد السيد الرئيس بشار الأسد في العديد من المناسبات على هذا المصطلح وضرورة تمثله في الواقع.
فالمواطنة هي كلمة تتسع للعديد من المفاهيم والتعريفات، لغوياً هي مأخوذة من كلمة الوطن، وهو محل الإقامة والحماية، ومن حيث مفهومها السياسي، فالمواطنة هي (صفة المواطن الذي يتمتع بالحقوق، ويلتزم بالواجبات التي يفرضها عليه انتماؤه إلى الوطن)، وفي قاموس علم الاجتماع عرفت المواطنة: بأنها مكانة أو علاقة اجتماعية تقوم بين فرد طبيعي ومجتمع سياسي، ومن خلال هذه العلاقة وضمن عقد اجتماعي، يقدّم الطرف الأول (المواطن) الولاء، ويتولى الطرف الثاني الحماية، وتتحدد هذه العلاقة بين الفرد والدولة عن طريق أنظمة الحكم القائمة.
إن تمثل المواطنة في الواقع، لابد من توفر مجموعة من المقومات الأساسية المشتركة، ووجود حد أدنى من الشروط التي يتجلى من خلالها مفهوم المواطنة في الحياة اليومية للمواطنين، وفي علاقاتهم بغيرهم، وبمحيطهم السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي، أهمها:

المساواة وتكافؤ الفرص: فلا تتحقق المواطنة إلا بتساوي جميع المواطنين والمواطنات في الحقوق والواجبات، وتتاح أمام الجميع الفرص نفسها، ويعني ذلك التساوي أمام القانون الذي هو المرجع الوحيد في تحديد تلك الحقوق والواجبات، وإذا كان التساكن والتعايش والشراكة والتعاون من العناصر الأساسية التي يفترض توفرها بين المشتركين في الانتماء للوطن نفسه، فإنها تهتز وتختل في حالة عدم احترام مبدأ المساواة، ما يؤدي إلى تهديد الاستقرار.
والوطن الذي تتعدد أصول مواطنيه العرقية، وعقائدهم الدينية، وانتماءاتهم الثقافية والسياسية، لا يمكن ضمان وحدته واستقراره إلا على أساس مبدأ المواطنة الذي يرتكز على منظومة قانونية وسياسية واجتماعية وأخلاقية متكاملة، والمساواة كمقوم رئيس للمواطنة، تعني أنه لا مجال للتمييز بين المواطنين على أساس الجنس، أو اللون، أو الأصل العرقي، أو المعتقد الديني، أو القناعات الفكرية، أو الانتماء والنشاط السياسي والنقابي والاجتماعي، واختلاف الفئات وصفاتها وانتماءاتها لا يجعل أياً منها أكثر حظاً من غيرها في الحصول على المكاسب والامتيازات، كما لا يكون سبباً في انتقاص الحقوق، أو مبرراً للإقصاء والتهميش، وحسن تدبير الاختلاف والتعدد لا يتم إلا في إطار المواطنة التي تضمن حقوق الجميع، وتتيح لكل المواطنين والمواطنات القيام بواجباتهم وتحمل المسؤوليات في وطنهم على أسس متكافئة، وإرساء مبدأ المواطنة في منظومة الروابط والعلاقات التي تجمع بين أبناء الوطن الواحد وبينهم وبين مؤسسات الدولة، لا يمكن أن يقوم على إلغاء الصفات والانتماءات والمعتقدات وغيرها من خصوصيات بعض الفئات، وإنما يقوم على احترامها، وإتاحة فرص المشاركة في إغناء الوطن وتنمية رصيده الثقافي والحضاري.
ولحماية مبدأ المساواة بين جميع المواطنين والمواطنات داخل المجتمع الذي تتناقض فيه المصالح والأغراض، فإنه لابد من وجود ضمانات قانونية وقضاء مستقل وعادل يتم اللجوء إليه من طرف كل من تعرضت حقوقه للمس أو الانتهاك من لدن الآخرين.
وقد أرسى الدستور السوري مبدأ المساواة في الحقوق والواجبات بين مواطني الجمهورية العربية السورية دون تمييز وعلى أسس متكافئة.
ولهذه الأسباب كلها استهدفت الدولة السورية واستهدف المواطن السوري بقدر ما استهدف الوطن السوري، من أجل تفكيك هذه العلاقة الراسخة بين هذين المكونين، وشهدنا أشكالاً مختلفة من الاستهداف ومحاولات إثارة النعرات الطائفية والعرقية، حيث لعبت كل من الولايات المتحدة الأميركية وتركيا هذا الدور الخبيث من خلال قيام الأولى بتشجيع شريحة من عملائها ” قسد” على الانفصال في الجزيرة السورية بهدف تقسيم سورية على أساس عرقي، فيما سعى نظام أردوغان الإخواني لإقامة كانتونات إرهابية تتماهى مع توجهاته الإخوانية وتلبي طموحاته العثمانية الموروثة، ولكن رسوخ مبدأ المواطنة والإيمان بسورية كوطن للجميع فوت الفرصة على كل الأعداء والمتآمرين، حيث ما يزال الجيش العربي السوري كما المجتمع السوري صورة رائعة للتنوع والتلاحم بين مختلف المكونات الاجتماعية والعرقية.. لتبقى سورية عصية على مؤامرات الأعداء وحروبهم ومحاولاتهم الشريرة للنيل منها

آخر الأخبار
وزارة الثقافة تطلق احتفالية " الثقافة رسالة حياة" "لأجل دمشق نتحاور".. المشاركون: الاستمرار بمصور "ايكو شار" يفقد دمشق حيويتها واستدامتها 10 أيام لتأهيل قوس باب شرقي في دمشق القديمة قبل الأعياد غياب البيانات يهدد مستقبل المشاريع الصغيرة في سورية للمرة الأولى.. الدين الحكومي الأمريكي يصل إلى مستوى قياسي جديد إعلام العدو: نتنياهو مسؤول عن إحباط اتفاقات تبادل الأسرى إطار جامع تكفله الإستراتيجية الوطنية لدعم وتنمية المشاريع "متناهية الصِغَر والصغيرة" طلبتنا العائدون من لبنان يناشدون التربية لحل مشكلتهم مع موقع الوزارة الإلكتروني عناوين الصحف العالمية 24/11/2024 رئاسة مجلس الوزراء توافق على عدد من توصيات اللجنة الاقتصادية لمشاريع بعدد من ‏القطاعات الوزير صباغ يلتقي بيدرسون مؤسسات التمويل الأصغر في دائرة الضوء ومقترح لإحداث صندوق وطني لتمويلها في مناقشة قانون حماية المستهلك.. "تجارة حلب": عقوبة السجن غير مقبولة في المخالفات الخفيفة في خامس جلسات "لأجل دمشق نتحاور".. محافظ دمشق: لولا قصور مخطط "ايكوشار" لما ظهرت ١٩ منطقة مخالفات الرئيس الأسد يتقبل أوراق اعتماد سفير جنوب إفريقيا لدى سورية السفير الضحاك: عجز مجلس الأمن يشجع “إسرائيل” على مواصلة اعتداءاتها الوحشية على دول المنطقة وشعوبها نيبينزيا: إحباط واشنطن وقف الحرب في غزة يجعلها مسؤولة عن مقتل الأبرياء 66 شهيداً وأكثر من مئة مصاب بمجزرة جديدة للاحتلال في جباليا استشهاد شاب برصاص الاحتلال في نابلس معبر جديدة يابوس لا يزال متوقفاً.. و وزارة الاقتصاد تفوض الجمارك بتعديل جمرك التخليص