الثورة أون لاين- ترجمة ليندا سكوتي:
على خلفية احتمال عودة الولايات المتحدة للاتفاق النووي المبرم مع إيران، كثفت “إسرائيل” مؤخراً إجراءات أجهزتها الاستخباراتية بغية تقويض البرنامج النووي الإيراني دون الاكتفاء بإلحاق الضرر بالصناعة النووية فحسب، بل الإضرار بسائر مؤسسات الجمهورية الإسلامية أيضاً، وتزامن ذلك مع إعراب مسؤولين إسرائيليين عن امتعاضهم من رغبة الرئيس جو بايدن بإحياء الاتفاق النووي الذي تخلى عنه سلفه عام 2018، وفي ظل هذا الواقع، صرَّح بنيامين نتنياهو بأن محاربة إيران وصناعة الأسلحة الإيرانية “مهمة جسيمة” تلتزم بها “إسرائيل”.
ولكون إيران عدوها اللدود، عمدت “إسرائيل” إلى تخريب المنشآت النووية الإيرانية بشتى الوسائل، بدءاً من الهجمات السيبرانية إلى عمليات الاغتيال المباشر، بما في ذلك قتل عدد من العلماء النوويين الإيرانيين ونصب كمين للمسؤول الرئيس عن البرنامج النووي في شهر تشرين الثاني الفائت.
ولطالما حظيت “إسرائيل” بدعم وتأييد واشنطن في أعمالها التخريبية ضد إيران، الأمر الذي تجلى بتاريخ طويل من التعاون السري لتعطيل البرنامج النووي الإيراني منذ حقبة إدارة الرئيس جورج بوش، وتعد إحدى العمليات الأكثر شهرة في مجال هذا التعاون عملية الهجوم الإلكتروني أثناء عهد الرئيس باراك أوباما.
وذكرت صحيفة نيويورك تايمز في 6 نيسان بأن جولة أخرى من المواجهة على شكل حرب بحرية سرية تجري بالقرب من ساحل جيبوتي في البحر الأحمر، بدأت بهجوم بالألغام على سفينة سافيز الإيرانية.
وذكر الجانب الإيراني بأن السفينة قد أبحرت في البحر الأحمر وخليج عدن لضمان الأمن البحري وحماية السفن التجارية الإيرانية من عمليات القرصنة في المنطقة، بحيث تكون “مركزاً لوجستياً” لإيران في تلك المناطق، وقد ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال في شهر آذار بأن “إسرائيل” نفذت على الأقل 12 هجوماً على سفن إيرانية منذ عام 2019، ولاسيما السفن التي تحمل منتجات بترولية إلى سورية.
ومع ذلك، أشارت صحيفة هآرتس الإسرائيلية بأن صحيفة وول ستريت جورنال لم تكشف سوى “غيض من فيض” للحرب الاقتصادية التي تشنها “إسرائيل” ضد إيران على مدى سنتين ونصف السنة”، وقد شهدت هذه المدة عشرات الهجمات على ناقلات تحمل منتجات نفطية من إيران إلى سورية التفافاً على العقوبات الأميركية والأوروبية، كما أشير إلى أن السفن الإيرانية قد تعرضت إلى هجمات في مواقع عدة خلال مسارها من البحر الأحمر إلى الساحل السوري.
إلى جانب حادثة سفينة سافيز، كان هناك حادث بفعل فاعل في منشأة شهيد أحمدي روشان النووي في نطنز بتاريخ 11 نيسان الذي أعلن مسؤولون في المخابرات الأميركية والإسرائيلية ضلوعهم فيه.
في ضوء هذه الظروف، واجهت طهران مرة ثانية خيار الرد القاسي لتوجه رسالة إلى “إسرائيل” بأن هجماتها لن تنسى، وعلى نحو مفهوم، تسعى إيران إلى إيجاد الأسلوب الذي يضمن لها الانتقام دون أن يمنع ذلك من إحياء الاتفاق النووي مع الغرب.
وفي هذا السياق، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده بأن إيران تعتزم الانتقام من “إسرائيل” نظراً لتخريبها مفاعل تخصيب اليورانيوم في نطنز وأضاف: “ستنتقم إيران من جراء تلك الحادثة في الوقت والمكان المناسبين، وإذا كانت الغاية من ذلك الهجوم إضعاف القوة النووية الإيرانية، فلن تحقق إسرائيل مرادها، لأننا سنستبدل أجهزة الطرد المركزية التي تعطلت بأجهزة أكثر تقدما”.
وفي الوقت ذاته، ذكر وزير الخارجية الإيرانية محمد جواد ظريف بأنه على الولايات المتحدة وقف إرهابها الاقتصادي والنووي للضغط على إيران في مفاوضاتها الحالية، وتحسباً من الانتقام الإيراني، فقد أصدر جهاز الأمن العام “الشاباك” والموساد تحذيراً بشأن نشاط المخابرات الإيرانية على شبكة الانترنت لخطف أو قتل إسرائيليين في الخارج، وفي مختلف الأحوال، يجب التوضيح بأن إيران لم تعمد إلى اختطاف أعدائها، على غرار ما دأبت عليه “إسرائيل” من اتباع لتلك السبل مرات عدة، إذ أنها لم تكتف بقتل واختطاف العلماء النوويين الإيرانيين فحسب، بل نفذت ذلك على عدد من الشخصيات السياسية أيضاً.
وذكرت وكالة الأخبار الإيرانية فارس بتاريخ 13 نيسان، نقلاً عن مصادر غير رسمية، بأن “مجموعة من المسلحين في شمال العراق” هاجموا مركز الاستخبارات والمعلومات التابع لوكالة الاستخبارات الإسرائيلية موساد، ما أدى إلى مقتل وجرح العديد من الجنود الإسرائيليين، وفي 13 نيسان، لم يخف على أحد تعرض الناقلة الإسرائيلية هايبريون راي إلى الهجوم بالقرب من ساحل الإمارات ما ألحق بها بعض الأضرار.
ترى وسائل الإعلام العربية بأن الهجوم على مركز الاستخبارات الإسرائيلي والسفينة الإسرائيلية عبارة عن رد إيراني على هجوم نطنز والنشاطات التخريبية الأخرى لوكالة الاستخبارات المركزية، ورغم ذلك واصلت “إسرائيل” أعمالها العسكرية السرية ضد ناقلات النفط الإيرانية التي تنقل المواد البترولية إلى سورية، وتجلى ذلك مؤخراً في الحريق الذي اندلع على متن سفينة محملة بالنفط في الساحل السوري بالقرب من بانياس، وقد ذكرت القناة 9 الإسرائيلية بأن روسيا قررت حماية الناقلات النفطية وسفن الشحن الإيرانية الأخرى المتجهة إلى سورية، تحسباً من تفاقم الحرب البحرية غير المعلنة بين “إسرائيل” وطهران.
الجدير بالذكر أن مخاوف تصعيد المواجهة بين “إسرائيل” وإيران لا تقتصر على منطقة الشرق الأوسط، بل يتعدى حدود المنطقة، ولاسيما أن لدى الطرفين منشآت نووية، الأمر الذي سيكون له عواقب وخيمة على دول المنطقة وجزء كبير من العالم.
في ضوء هذه الظروف، يجب على المجتمع الدولي بذل المساعي الحثيثة للحيلولة دون وقوع مواجهة بين “إسرائيل” وإيران، كما ينبغي على الولايات المتحدة والعالم بأسره اتخاذ الخطوات اللازمة لوقف الاستفزازات الإسرائيلية ضد إيران، ومنشآتها النووية وعلمائها النوويين، والسعي لحل المشكلات القائمة عبر إجراء عمليات التفاوض بما فيها تجديد الاتفاق النووي.