الثورة أون لاين – د. ذوالفقار علي عبود:
لماذا اختار الرئيس أوباما دعم العدوان على اليمن؟.
تبدأ الحكاية في عام 2011، مع بدء جنون ما سمي زوراً بالربيع العربي، وسقوط الرئيس اليمني علي عبد الله صالح، الذي أجبرته الاحتجاجات على تسليم السلطة إلى نائبه عبد ربه منصور هادي.
كان من المفترض أن يعمل هادي كجسر بين النظام القديم ومستقبل فيه ترتيبات إقليمية خاصة، لكنه لم ينجح في مهمته، فقدم “مؤتمر الحوار الوطني” مخططًا طموحًا للإصلاح السياسي في بداية عام 2014، ولكن الاقتصاد اليمني كان على وشك الانهيار، وكانت حركة أنصار الله تقاوم لتجنيب تسليم اليمن للسعودية، وطوال عقد كامل، كانت الحركة تحقق مكاسب إقليمية سريعة.
تركزت الحركة في شمال البلاد، بالقرب من الحدود السعودية، وفي أيلول 2014، وفي ظل موجة من الغضب المناهض للحكومة، سيطرت الحركة على العاصمة اليمنية صنعاء، وطاردت هادي إلى مدينة عدن الساحلية الجنوبية.
خشيت المملكة العربية السعودية من سيطرة الحركة على اليمن بالكامل، وفي أوائل عام 2015 ، حشدت تحالفًا من تسع دول، من أهمها الإمارات العربية المتحدة، واستعدت لبدء عدوان عسكري لإعادة هادي إلى السلطة ومواجهة ما اعتبرته تهديدًا إيرانيًا متزايدًا للمنطقة.
جاء القرار في أعقاب انتقال السلطة في السعودية الذي سينتج عنه صعود ولي العهد محمد بن سلمان، الذي سيصبح وجه الحرب في اليمن، كان هذا هو السياق الذي قدم فيه السعوديون طلبهم للمساعدة الأميركية.
سارع المسؤولون الأميركيون إلى توحيد وجهات نظرهم وتقديم توصية إلى الرئيس تتضمن الإشارة إلى العنف المحتمل لقوات التحالف، وكانوا مشوشين حول ما إذا كان ينبغي النظر إلى بن سلمان على أنه نجم صاعد محتمل أم متهور مقلق، ولكن في النهاية، أوصى فريق الأمن القومي لأوباما بالإجماع بالمضي قدماً في تقديم المساعدة للعدوان السعودي، ووافق الرئيس على ذلك، وأعلن البيت الأبيض أنه سمح لـ “توفير الدعم اللوجستي والاستخباراتي” للتحالف وأن الولايات المتحدة ستعمل مع شركائها الجدد لإنشاء خلية تخطيط مشتركة في الرياض من شأنها “تنسيق الدعم العسكري والاستخباراتي الأميركي.
إدارة أوباما وقتها كانت على علاقة كبيرة بهادي، ومن وجهة نظرها، كان هو الزعيم الشرعي لليمن، وأفضل من سلفه صالح، وكان يُنظر إلى هادي أيضًا على أنه شريك موثوق به في مكافحة الإرهاب، وهو الشخص الذي أعطى الولايات المتحدة مكانًا واسعًا في عملياتها ضد القاعدة في شبه الجزيرة العربية، والتي صنفها العديد من المسؤولين الأميركيين على أنها أخطر فروع القاعدة.
عندما طرد أنصار الله المعادين بشدة لأميركا هادي من صنعاء، رأت الحكومة الأميركية أن انتصارهم هو تهديد لمصالحها في اليمن وللقانون الدولي، ولأسباب براغماتية، كانت واشنطن تأمل في استعادة الوضع السابق.
كما سعى المسؤولون الأميركيون أيضًا إلى تحسين العلاقات مع السعودية ومع شركاء واشنطن الآخرين في الخليج، وعلى الأخص الإمارات العربية المتحدة.
وعلى مدى عقود، كانت الولايات المتحدة تنظر إلى شراكاتها في المنطقة على أنها مفتاح لحماية مصالحها في مجال الطاقة والأمن، وفي ربيع عام 2015، كانت تلك العلاقات ترزح تحت الضغط.
ورأت المملكة العربية السعودية وحلفاؤها في الخليج أن الاتفاق النووي الإيراني، الذي اقترب من الاكتمال، يعطي إيران خطوة متقدمة على حسابهم. لكنهم كانوا يشيرون إلى عدم رضاهم عن سياسة الولايات المتحدة خلال ما سمي بالربيع العربي، ولاسيما تجاه مصر، حيث اعتقدوا أن إدارة أوباما كانت سريعة جدًا في التخلي عن الرئيس حسني مبارك ثم كانت مستعدة جدًا لتطبيع العلاقات مع حكومة الإخوان المسلمين.
كما اعتقدت دول الخليج أن الولايات المتحدة تنسحب من المنطقة، مما يجعلها عرضة لهجمات الإسلاميين، وهكذا أصبح شعار السياسة الأميركية هو طمأنة حلفائها، وهذا يعني التأكيد للسعوديين على أن واشنطن ستقدم ضمانا دفاعيا لبلدهم ضد تهديدات خارجية معينة، فضلاً عن تقديم الدعم الثابت لشركاء إقليميين آخرين.
عندما كان المسؤولون الأميركيون يخططون لعقد قمة لقادة الخليج في كامب ديفيد في أيار 2015، كان في ذهنهم نتيجة رئيسية واحدة في الاعتبار، (بيان يؤكد استعداد الولايات المتحدة لمساعدة بلدانهم في حالة حدوث عدوان خارجي).
وهناك سبب آخر لقرار المسؤولين الأميركيين دعم التحالف الذي تقوده السعودية في عام 2015 وهو اعتقادهم بأن واشنطن سوف تكون ممسكة بمسار الحرب عند الضرورة الأميركية.
كما زعمت إدارة أوباما أن دعمها للعدوان سيكون محدداً بحدود ومحاذير وخصائص أمان، كان توجيه أوباما أن المساعدة الأميركية يجب أن تخدم غرض حماية وحدة أراضي المملكة العربية السعودية، مما يجعل المساعدة دفاعية في جوهرها.
كما كانت الإدارة تأمل في أن تعمل خلية التخطيط المشتركة بما يمكن المستشارين الأميركيين من الإشراف على نظرائهم السعوديين، ومعرفة ما يفعلونه، وعند الضرورة كبح جماحهم.
ولكن الولايات المتحدة استهانت إلى حد كبير بالتحدي الذي ستواجهه في كبح العمليات السعودية وتقليل الأضرار الإنسانية والخسائر المدنية، فقد لجأ العدوان إلى تكتيكات القبضة الحديدية في وقت مبكر، ومنع المواد الغذائية من دخول المناطق التي يسيطر عليها أنصار الله، وخنق تدفق السلع إلى أكبر وأهم ميناء في البلاد وهو ميناء الحديدة، وقصف البنية التحتية الحيوية، مثل رافعات الحاويات ومنشآت إنتاج الغذاء، كما ضربت قوات العدوان الأحياء السكنية وحفلات الزفاف.
وبدأ الأميركيون يشعرون بالقلق، وبدأ الدبلوماسيون الأميركيون نظام التحقق من الواردات للمساعدات لإجبار المملكة العربية السعودية على تخفيف قيودها على البضائع التي تدخل البلاد، لكن تدفق البضائع نما بشكل طفيف فقط، وواجه اليمنيون صعوبات متزايدة لتقليل الخسائر في صفوف المدنيين من حملة القصف.