الثورة أون لاين- فاتن أحمد دعبول:
تزدهر الذكرى في كل عام عندما يفوح عبق الشهادة والتضحية من رجالات استقبلوا الموت بصدور صلبة وإرادة قوية وإيمان لا يتزعزع، بأن سيادة الوطن وحريته هي البوصلة الحقيقية لنضالاتهم وتضحياتهم.
هذه الذكرى العابقة بالدماء الزكية، تحكي مجداً عن أبناء سورية الميامين، عندما أشرق صباح السادس من أيار للعام 1916 وقد ارتكب جمال السفاح جريمته البشعة في حق أبطال ذنبهم الأوحد أنهم أوفياء لبلادهم، يقاتلون من أجل أبناء جلدتهم فكان الموت شنقا هي العقوبة التي يندى لها جبين التاريخ والبشرية معاً.
ومهما تحدثنا عن الشهداء التي لا تزال قوافلهم تتقاطر في كل لحظة يناديهم الوطن فيها، فيلبون النداء بشجاعة وإقدام، لا نستطيع أن نوفيهم حقهم، ولكننا في الآن نفسه نعيش نشوة النصر والفخار بأننا ننتمي لوطن يقدم أبناؤه دماءهم في سبيل عزة البلاد وحريتها.
ورغم أننا اليوم نحتفل بذكرى شهداء 6 أيار، لكن سورية تحتفي بشهدائها في كل يوم، وعند كل قطرة دم تروي تراب الوطن وكل زغرودة أم تحتفي بعرس ابنها الشهيد، معمداً بحب الوطن ومكللاً بالغار ومتوجاً بعلم سورية، راية العزة والكرامة.
تمر ذكرى الشهداء اليوم ونحن نصارع شكلاً آخر من الطغيان والإرهاب، يحاولون النيل من صمود بلادنا ونهب ثرواتنا ومحاولة الحصار، ويتلونون كالحرباء بألوان الشر والغطرسة، ولكن هيهات من سورية الذل والهوان، وهي التي تلقن أعداءها في كل يوم دروساً دامية في الإباء والبسالة، تخوض تلك الحرب القاسية بإيمان راسخ بالنصر الذي هو قدرها شاء من شاء وأبى من أبى .. تصنعه بإرادة شعب لا يلين وشجاعة جيش لا يقهر.
ولا بد في هذه المناسبة أن نعرج على ما يقدمه الوطن لأبناء الشهداء وذويهم من التعليم والرعاية الصحية وفرص العمل، وهذه ربما هدية متواضعة جزاء ما قدموا من تضحيات ووفاء لهم من وطن يكرم أبناءه وشهداءه الذين آمنوا بأن الشهادة هي معراج الوطن إلى الحرية والكرامة وارتقاء شموخ العزة والبناء.
طوبى لمن رحلوا ولمن ضحوا بأرواحهم في قوافل البطولات والشهادة، وطوبى لأمهات قدمن فلذات أكبادهن لينعم الوطن بالأمن والأمان، ولوطن يكرم أبناءه ويتوج مقاماتهم بأكاليل النصر، ليكونوا منارات للأجيال تحذو حذوهم وتحمل راياتهم والسير على نهجهم والتعلم في مدارسهم، مدارس العزة والكرامة والإيمان بأن النصر على الأعداء هو قدرنا المحتوم، نصنعه بأيدينا ونكتبه بحروف من نور