الثورة أون لاين:
بهدوء، يسرد مسلسل “بعد عدة سنوات” حكاية شخصياته مستغرقاً في تفاصيل حياتهم الاجتماعية.. علاقاتهم فيما بينهم.. طرائق تفكيرهم.. أحلامهم والصعوبات التي يواجهونها..
فكان من الطبيعي أن يكشف الفروق بينهم.. ومن هنا تتأتّى الأحداث/الصراعات التي يصوّرها الكاتب بسام جنيد بأسلوبية تنحاز إلى (الواقع).. فلا إثارة ولا لجوء إلى الأكشن فيما نرى.. بل التعاطي بكل أريحية واتزان في نقل بنود ما يسرده لنا على لسان شخصية (معروف، سعد مينه) أحد أبناء (أبو نورس، علي كريم)، وهذا الأخير يحيا، بالعموم، حياة هانئة مع زوجته وأبنائه الأربعة.. يعمل في (منشرة) يمتلكها بذات الحي الذي يقطن فيه، وهو ما كان بحدود عام 1989م.. حين كانت الحياة ليست بالتعقيد الذي جاء تالياً، وعن طريق التسلسل زمنياً..
فثمة اللحظة الحالية، لحظة سرد الحكاية العام 2014، والزمن الآخر عوداً إلى الوراء أي العام 1989.
بينهما تنتقل الكاميرا رصداً لأحوال وأوضاع الزمنين.. أو بدقة أكبر يحاول نص “جنيد” رصد التحولات خلال فترة (25)عاماً.. مركزاً على الجانب الاجتماعي الحياتي من خلال أفراد حكايته..
ثم وعبر نقطة البداية تلك (1989) يتم السير باتجاه النقطة الزمنية الأخرى (2014)..
يمكن القول إن كل ما يسرد علينا سيكون عبارة عن نظرة خاطفة.. أن ننظر إلى الماضي بعيني “الآن”.. وهذه “الآن” تعني لحظة السرد التي بدأ بها معروف العودة إلى الماضي.. نحن أمام عمل ينوس فيه الزمن بين لحظة ثابتة (2014) ولحظات ماضية متحوّلة أو متحركة..
يبدو الزمن هو اللعبة الأهم التي يعوّل عليها الكاتب في نصه.. واختياره عنواناً مثل “بعد عدة سنوات” ليس سوى دليل على تأكيده على عنصر “الزمن” مؤثّراً فينا.. والمحرك الأكبر لكل التغيّرات الحاصلة لنا..
وهو ما يجعلنا نشعر أن ثمة حالة من المقارنة غير المباشرة بين الماضي والحاضر.. تقود بدورها إلى نوع من المفاضلة بين الزمنين..
وما بينهما ينشغل “بعد عدة سنوات” إخراج عبد الغني بلاط، ببلورة خفايا علاقاته الاجتماعية حتى حين تكون ما بين أفراد الأسرة الواحدة.. ناقلاً ما فيها من تصدّعات تنمو كما ينمو أي شيء آخر إيجابي بين الأشقاء..
فثمة دائماً خطيئة وربما جاءت على هيئة أحد الأفراد.. وهي كفيلة بتسميم حياة البقية..
وكأنما هي إيماءة أن لا شيء جميلاً أو إيجابياً يكتمل ضمن دائرة صلاتنا حتى مع أقرب المقربين إلينا.
بحدود الحلقة ( ٢٥) من العمل، لم يزل الخط الزمني السردي في العام (٢٠٠٧ ).. بمعنى لم يلج إلى منطقة الحرب بشكل مباشر.. وبالتالي لم تزل ضغوطات الحياة ضمن المعقول والمقبول.. لم تتضاعف.. ولم تصبح نكسات وأزمات تطيح بك وتفقدك وعيك..
ويبدو أن النص سيبقى أميناً للحفر في البعد الاجتماعي لوجودنا دون الغوص في قاع انعكاسات الحرب بمختلف تمظهراتها.
لميس علي