«خيرُ جليسٍ».. متى يعودُ إلينا؟!

 

الملحق الثقافي:حبيب الإبراهيم:

بالرغم مما قيل فيه من أقوالٍ وأشعار، وبالرغم من دوره في التثقيفِ والتنوير، ونشر المعرفة والحفاظ على التراثِ المعنويّ، لكلِّ شعبٍ من الشعوب، إضافة إلى المتعة التي تحقِّقها القراءة، بحيث أصبح كلّ هذا جزءاً من الذاكرة الجمعية للناس، فإن «خير جليس» و «خير صاحب»، ما زال يعاني من همومٍ وشجونٍ وأوجاع لا تنتهي، يأتي في مقدمتها، تراجع دوره بشكلٍ كبيرٍ وواضح جداً.
إنه الكتاب الورقي، الذي تراجع دوره أمام الكتاب الإلكتروني الذي أصبح في متناول الجميع، وخاصة في ظلِّ النشر الرقميّ، ووسائل الاتصال والشابكة العالمية.. بمعنى آخر، انسحب بساط العزِّ من تحت الكتاب الورقي الذي يشكِّل أحد أهم مصادر المعرفة والثقافة، فمعيار تقدم وتحضّر أيّ أمّة أو شعب، يقاس بنسبةِ القراءة واقتناءِ الكتب، وللأسف فإنّ أمّة «اقرأ» لا تقرأ، وقد باتت القراءة تأتي في آخر اهتماماتها!!.
المحزنُ في الأمر، أن «نسبة القراءة لدى المواطن العربيّ، باتت لا تتعدّى الدقيقتين في العام، مقابل ست ساعاتٍ للفرد الأوروبي، وما تستهلكه دار نشر فرنسيّة واحدة من الورق سنويّاً، يفوق ما تستهلكه الدول العربيّة مجتمعة».
إنها مفارقات حادّة ومؤلمة، تحزّ في النفس، وتطرح أسئلة واستفسارات وعلامات استفهام كثيرة؟!!..
وتحفيزاً للقراءة والمساهمة بانتشار الكتاب، خصَّصت المنظمة العالمية للتربية والثقافة والعلوم «اليونسكو» منذ عام 1995 الثالث والعشرين من نيسان من كلِّ عام، يوماً عالمياً للكتاب، وحقوق المؤلف واختيار عاصمة لهذا النشاط، وإقامة فعَّاليات متعدِّدة للفت الأنظار إلى أهميّة الكتاب، ودور القراءة في نشر المعرفة والثقافة.
صحيح أن هذا اليوم هامٌ وضروريّ، للمساهمة في تشجيع الأطفال والناشئة على القراءة، وزيارة المعارض والمشاركة بالمسابقات الخاصة بهذا الجانب، لكنَّ السؤال الذي يطرح نفسه: ما هو واقع الكتاب لدينا؟.. كيف يتعامل شبابنا مع الكتاب، وهل هو ضمن أولوياتهم؟.. وماهي الطرق التي تمكّننا من جعل الكتاب في متناول الجميع، وبأيسر السبل وأقلّ الأسعار؟.
أسئلةٌ كثيرة تطرح نفسها، وهي مهمّة وبحاجةٍ لجهودٍ كبيرة، ونوايا صافية لجعل الكتاب، من الأولويات إن لم نقل أهمّها.
للأسف، في ظل انتشار وسائل التواصل الاجتماعيّ، تراجع الإقبال على اقتناء الكتاب، وتراجعت القراءة، وخاصة بين الشباب الذين سخّروا جلّ وقتهم واهتماماتهم، لهذا الجهاز السحري «الخليوي» الذي وكما يقال، يضع العالم بين أيديهم بكبسةِ زرٍّ.
هنا لا بدَّ من التنبيه، إلى المخاطر المحدقة لهذا الاستخدام غير الواعي، وغير المنضبط، والذي يحوّل هذا الجهاز، من نعمةٍ إلى نقمة، وهو موضوع يمكن تناوله في مقالة أخرى.
لا شكَّ أن المؤسسات المعنية بالكتاب، الثقافة، الإعلام، التربية.. الخ، تعمل ضمن إمكاناتها المتاحة لإصدار الكتاب وتوزيعه، وهنا لا بدَّ من الإشادة بدور الهيئة العامة السورية للكتاب، التي تطرح بشكلٍ متواصل، العديد من الإصدارات المنوّعة، وبمختلف أجناس الأدب والمعرفة، وضمن الظروف الموضوعية، ذلك أن نسبة انتشار الكتاب تظل محدودة ومكلفة، بالنسبة للجهة التي تصدره، وللقارئ الذي يعاني ما يعانيه للحصول عليه، بالتالي لا بدَّ من التركيز على نشرِ الكتاب الشعبي بأعدادٍ كبيرة، مجاناً أو بقيمة رمزيّة، وهناك تجارب كانت ناجحة، كالكتب الملحقة بالصحف مثال: الكتب التي كانت تصدر مجاناً مع صحف الثورة، وتشرين، والبعث، وكتاب الجيب الذي كان يوزّع مجاناً مع مجلة الموقف الأدبي، الصادرة عن اتحاد الكتاب العرب.
هي خطوات هامة وضروريّة لنشر وتسويق الكتاب، والمساهمة بإيصاله إلى الأطفال والشباب في المدارس والجامعات، وبأسعارٍ رمزيّة، إضافة إلى ضرورة تحفيز الناشئة على القراءة، من خلال إقامة المسابقات، ومنح الجوائز، والوصول إلى أبعد قريةٍ في القطر، وهنا أذكر تجربة الوحدة الثقافية المتنقّلة، التابعة للمركز الثقافي العربي في حماة، في منتصف السبعينيات ودورها في نشر الكتاب، وخاصة في الأرياف والقرى البعيدة، ويمكن التخطيط ضمن الحلول المقترحة، لإقامة معارض متنقِّلة للكتاب، في تجمعات المدارس والأحياء الكبيرة، في المدن والأرياف، وهذا بالطبع يمكن إنجازه، ضمن مهامِ وزارة الثقافة، وبالتنسيق والتعاون مع وزارة التربية، ووزارة التعليم العالي.
نعم، الكتاب الشعبي هو ما يمكن الاشتغال عليه ضمن الظروف الحالية، وهذا مطلبٌ هامٌ وضروريّ، للارتقاء بالكتاب ودعم إصداره، ونشره والعمل على توسيع قاعدته، واختيار العناوين التي تلائم هموم وطموحات الشباب، في مختلف القضايا الوطنية، الاجتماعية، العلمية، الاقتصادية …أيضاً، تشجيع القراءة وتزويد مكتبات المدارس بالإصدارات الجديدة، وإقامة المعارض المتنقِّلة، وضمان وصولها إلى المناطق البعيدة في القرى والأرياف، وتسويق الكتاب بأسعارٍ رمزية، وإطلاق حملات توعية، والتحفيز على القراءة واقتناء الكتب، وليكن عاماً كاملاً للكتاب الشعبيّ، تتخلَّله الأنشطة الثقافيّة والأدبية، من ندواتٍ وأمسيات ومعارضٍ للكتب و….
هي أمنياتٌ ليست صعبة، لكنها بحاجة إلى خطّة عمل متكاملة، وعلى مختلف المستويات الثقافية والمعرفية، وهذا ما نأمل تحقيقه.

التاريخ: الثلاثاء11-5-2021

رقم العدد :1045

 

آخر الأخبار
اليوم بدأ العمل الجاد   الشرع: سوريا لكل السوريين بطوائفها وأعراقها كافة.. وقوتنا بوحدتنا كهرباء ريف دمشق: صيانات وتركيب تجهيزات جديدة وحملات لإزالة التعديات    القبض على شبكة مخدرات وعصابة سرقة أموال وسيارات      استبدال خط "سادكوب" لتحسين ضخ المياه وتقليل الفاقد بحماة   "مكتب الاستدامة" تجربة رائدة في بناء قدرات الطلاب ودعم البحث العلمي  تكريم كوادر مستشفى الجولان   عودة ألف تاجر حلبي منذ التحرير ... "تجارة حلب": رفع العقوبات يعيد سوريا إلى الاقتصاد العالمي فعاليات من حلب لـ"الثورة": رفع العقوبات تحول جذري في الاقتصاد مجموعة ضخ أفقية لمشروع بيت الوادي في الدريكيش  رسالة للصين.. تايوان تختبر نظام  HIMARS الصاروخي الأمريكي لأول مرة   DW:  سوريا مستعدة لازدهار الاستثمار مع رفع العقوبات الأمريكية خبير مصرفي لـ"الثورة": تعافٍ اقتصادي شامل يوم السوريين الجميل...ترامب: ملتزمون بالوقوف إلى جانب سوريا.. الشرع: سنمضي بثقة نحو المستقبل  عصب الحياة في خطر ....  شبح العطش يهدد دمشق وريفها.. والمؤسسة تحذر..درويش لـ"الثورة": 550 ألف م3 حا... أساتذة وطلاب جامعات لـ"الثورة": رفع العقوبات انتصار لإرادة سوريا رحبت برفع العقوبات عن سوريا... القمة الخليجية الأمريكية: صفحة جديدة نحو النمو والازدهار الدكتور الشاهر لـ"الثورة": رفع العقوبات عن سوريا يعكس الثقة بالإدارة الجديدة رفع العقوبات.. الطريق إلى التعافي شركات خاصة لتوزيع الكهرباء..وزير الطاقة : الأمور نحو الأفضل و٦ ملايين م٣ غاز تركي يومياً   بعد رفع العقوبات.. خبراء ورجال أعمال لـ"الثورة": القادم أجمل  لبناء سوريا.. الوقوف صفاً واحداً ويداً...