الثورة أون لاين- ترجمة ميساء وسوف:
“لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها”، هذه هي العبارة التي نسمعها من كل من الإدارات الأمريكية المتعاقبة “الديمقراطية والجمهورية” كلما قصفت حكومة “إسرائيل” بقوتها العسكرية الهائلة قطاع غزة.
دعونا نكون واضحين، لا يوجد أدنى شك أن أي حكومة في العالم تملك الحق في الدفاع عن نفسها أو حماية شعبها، ولكن لماذا تتكرر هذه الكلمات عاماً بعد عام، وحرباً بعد حرب وفي فلسطين بالذات؟، ولماذا لم يُطرح السؤال الأهم على الإطلاق: “ما هي حقوق الشعب الفلسطيني؟”، ولماذا يبدو أننا ننتبه إلى العنف في الأراضي المحتلة فقط عندما تسقط الصواريخ على “إسرائيل”؟.
يجب على الولايات المتحدة أن تحث على وقف فوري لإطلاق النار، ويجب أن ندرك أيضاً أنه إذا اعتبرنا أن إطلاق الصواريخ من غزة على “التجمعات الإسرائيلية” أمر غير مقبول، فيجب أن نعترف بأن الصراع الأخير لم يبدأ بهذه الصواريخ.
تعيش العائلات الفلسطينية في حي الشيخ جراح في القدس تحت تهديد الإخلاء منذ سنوات عديدة، فهم يعيشون نظاماً قانونياً مُصمماُ لتسهيل تهجيرهم القسري، وقد كثف المستوطنون المتطرفون جهودهم لإجلائهم خلال الأسابيع الماضية.
ومن المؤسف أن عمليات الإخلاء هذه ليست سوى جزء من نظام أوسع للقمع السياسي والاقتصادي، لقد شهدنا منذ سنوات احتلالاً إسرائيلياً عميقاً في الضفة الغربية والقدس الشرقية وحصاراً مستمراً على غزة يجعل حياة الفلسطينيين غير محتملة، وفي غزة والتي يبلغ عدد سكانها حوالي مليوني نسمة، فإن 70 بالمائة من الشباب عاطلون عن العمل ولديهم أمل ضئيل في المستقبل.
علاوة على ذلك، رأينا عمل حكومة بنيامين نتنياهو لتهميش المواطنين الفلسطينيين وشيطنتهم، ومتابعة سياسات الاستيطان والعمل على ترسيخ سيطرتها غير المتكافئة وغير الديمقراطية.
على مدى أكثر من عقد من حكم اليمين، زرع نتنياهو نوعاً متزايداً من عدم التسامح والاستبداد من القومية العنصرية، في محاولة منه للبقاء في السلطة وتجنب الملاحقة القضائية بتهمة الفساد، كما أنه أضفى الشرعية على الكثير من القوى، وخاصةً إيتامار بن غفير وحزبه المتطرف “القوة اليهودية”، وذلك من خلال ضمهم إلى الحكومة. إنه لأمر مروع ومحزن أن العصابات العنصرية التي تهاجم الفلسطينيين في شوارع القدس لديها الآن تمثيل في الكنيست.
في الوقت نفسه، نشهد ظهور جيل جديد من النشطاء الذين يريدون بناء مجتمعات قائمة على الاحتياجات الإنسانية والمساواة السياسية، لقد رأينا هؤلاء النشطاء في الشوارع الأمريكية الصيف الماضي في أعقاب مقتل جورج فلويد، ونراهم اليوم في الأراضي الفلسطينية.
إن لدى الولايات المتحدة الآن فرصة لتطوير نهج جديد للعالم وخاصةً مع مجيء رئيس جديد إلى البيت الأبيض، نهج يقوم على العدالة والديمقراطية ويعمل على مساعدة البلدان الفقيرة وعلى وجه الخصوص بعد انتشار وباء كورونا، من خلال التوزيع العادل للقاحات التي تحتاجها هذه البلدان، بالإضافة إلى قيادة العالم لمكافحة تغير المناخ والنضال من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم، وهذا لا يمكن تحقيقه إلا من خلال تعزيز التعاون وتجنب الصراعات.
في الشرق الأوسط، حيث نقدم ما يقرب من 4 مليارات دولار سنوياُ لمساعدة “إسرائيل”، لم نعد قادرين على تقديم الأعذار عن حكومة نتنياهو اليمينية وسلوكها غير الديمقراطي والعنصري، يجب علينا تغيير المسار واعتماد نهج عادل، نهج يدعم ويعزز القانون الدولي فيما يتعلق بحماية المدنيين، وكذلك القانون الأمريكي الحالي الذي ينص على أن تقديم المساعدة العسكرية الأمريكية يجب ألا يسمح بانتهاكات حقوق الإنسان.
يجب أن يعترف هذا النهج بأنه وكما “لإسرائيل” الحق في العيش بسلام وأمن، فإن للفلسطينيين أيضاً الحق في هذا، وإذا كانت الولايات المتحدة ستصبح صوتاً ذا مصداقية في مجال حقوق الإنسان على المسرح العالمي، فيجب عليها التمسك بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان باستمرار، حتى عندما يكون ذلك صعباً من الناحية السياسية، وعلى الولايات المتحدة أن تدرك تماماُ أن حقوق الفلسطينيين مهمة، وحياتهم مهمة أيضاً.
بقلم: بيرني ساندرز
المصدر:Information Clearing House