الاستحقاق الرئاسي الذي أنجزه السوريون لم يكن مجرد إجراء انتخابي، أو حدث عابر يمليه الواجب الوطني، والمشاركة الكثيفة لم تكن مجرد حالة اندفاع عبرت عن مدى حب الوطن، والاستعداد الدائم للدفاع عنه، وإنما كان ملحمة وطنية بكل أبعادها ومعانيها، علمت العدو قبل الصديق معنى قدسية الأوطان، ومعنى الوفاء لمن كرسوا حياتهم، ولمن ضحوا بأنفسهم لتحيا أوطانهم، والسوريون خير من سطروا أروع الأمثلة في الذود عن حياض وطنهم، والدفاع عن مكتسباتهم وخياراتهم وكل إنجازاتهم الحضارية.
غداة إنجاز الاستحقاق، اعترف الأعداء بأنفسهم بهزيمة مخططاتهم ومشاريعهم أمام إرادة وصمود السوريين، وسلموا بحقيقة انتصار تلك الإرادة- (روبرت فورد أقر بأن الدول العظمى وفي مقدمتها أميركا فشلت بتحقيق مشاريعها في سورية)- ولهذا الإقرار دلالة عميقة على حجم الانتصار الذي حققه السوريون، فالتاريخ لم يذكر دولة تعرضت لإرهاب مدعوم من أكثر من مئة دولة كما حدث لسورية، وكذلك لم يذكر دولة قهرت هذا الإرهاب وداعميه كما فعلت سورية اليوم، والتاريخ لا بد أنه سيسجل في ذاكرته هذا الانتصار ليبقى شاهداً حياً تقتدي به شعوب أخرى قد تتعرض لمثل هذا العدوان والإرهاب.
إنجاز هذا النصر السياسي، لا شك أنه استكمال للانتصارات العسكرية في الميدان، وهو ثمرة صمود السوريين، وثباتهم على قناعاتهم الراسخة، ومع التأكيد أن هذا الانتصار ما كان ليتحقق لولا بطولات وتضحيات الجيش العربي السوري، ووقوف الأصدقاء والحلفاء إلى جانب الحق السوري، فإن لصلابة قائد الوطن الاستثنائية، وصوابية مواقفه وقراراته المستمدة من قوة شعبه، أبلغ الأثر في قيادة السفينة نحو بر الأمان، واستعادة سورية لدورها المحوري، ولحضورها الفاعل على الصعيد الدولي، فلاحظوا أن ثمة الكثير من الدول التي ناصبت العداء لسورية وشعبها بدأت تعيد حساباتها، وتعيد فتح سفاراتها تدريجياً، وهذا يعكس قناعة تلك الدول بصوابية النهج السوري، وبمدى أهمية دور سورية في المنطقة والعالم.
السوريون ينتظرهم الكثير من العمل، للبناء على ما أنجزوه من انتصارات سياسية وعسكرية، للنهوض ببلدهم، وصنع مستقبلهم الذي أسسوا بنيانه بإرادتهم الحرة، وقرارهم المستقل، ولا بد أنهم منتصرون في كل مراحل عملهم القادمة، فهم أصحاب حضارة وتاريخ عريق، وصانعو انتصارات وأمجاد.
كلمة الموقع – ناصر منذر