الملحق الثقافي:حوار: جورج شويط:
الروائية والشاعرة «مرغريت جمل»، أديبةٌ مثل العديد من الشخصيّات الأدبيّة التي خرجت من عباءةِ القانون، ودخلت عالم الكتابة.. كتبت الشّعر وأصدرت مجموعة شعريّة حملت عنوان «كريستال»، وتتحضّر حالياً لتوقيع روايتها الأولى، كما دخلت عالم كتابة السيناريو التلفزيوني، وكتبت للمسرح.
سعينا للحديث عن بداياتها، فكان أن روت عنها:
«لطالما كنت أتنفس الكتابة، وأعتبرها بوابة الدخول إلى عالمٍ مذهلٍ، أستطيع أن أحلّق في رحَابهِ على علوٍّ شاهقٍ دون أن أخشى السقوط، بداية شغفي كانت مع الخواطر والقصص القصيرة، بعمرٍ لا يتجاوز 15 عاماً تقريباً، رحت أسكب ما بداخلي في كراسٍ سميكٍ، كان يتوسّد رفَّ المكتبة لسنوتٍ طوال، حتى جاء اليوم الذي شعرت فيه أن الأوان قد حان، لكي أسمح لكلِّ تلك المشاعر بالتحرّر من قيدها، والخروج إلى العلن، فكانت الباكورة ديوان (كريستال)، إصدار عام 2019 عن «دار دال للنشر والتوزيع»، ومن ثم رواية (ليس الأمر كما يبدو)، إصدار «دار دال» أيضاً، في عام 2021».
أمّا عمّا جذبها إلى فضاءاتِ الشِّعر والرواية، فتقول:
«الشعر بلسم الروح، يروي القلوب بماءِ الحب، وعلى أوتارِ المشاعر يعزف تفانين الهوى. والرواية تعمُّقٌ عفويّ في التفاصيل، وتشكيلٌ للحياةِ من خلال شخصياتٍ تتفاعل مع الأحداث والوسط الذي تدور فيه هذه الأحداث، حيث تسافر بالقارئ في رحلةٍ خياليّةٍ تؤثر على فكره، وتسيطر على كلِّ خليّةٍ في جسده، لتوصله في نهاية المطاف إلى الخلاصة التي يمكن أن تكون ذات أبعاد اجتماعيّة أو فلسفيّة أو روحيّة أو نفسيّة… ولعلّ ما جذبني إلى هذين الجنسين الأدبيّين، أنهما يعبران عن مشاعر الناس المختلفة بمنتهى العمقِ والشفافية والدقة، فكلّ منهما يوقد شعلة من نورٍ تضيء زوايا النفسِ المظلمة، وتجعلها تخفقُ بالدفء من جديد.
في مجال أدب الرواية، تأثّرت بالعديد من الكتاّب، كالأديبة السورية غادة السمان، ونجيب محفوظ، والطيب صالح، وأحلام مستغانمي.. ومن الشُّعراء الذين تأثّرت بهم كثيراً، الشاعر نزار قباني، والشاعر محمود درويش والشاعر بدر شاكر السياب»….
تقول أيضاً، ولدى سؤالنا لها، عن تجربتها في تحويل كتاباتها للتلفزيون، والمتعة التي تشعر بها في كتابة السيناريو:
«سبق أن خضت تجربة كتابة السيناريو والحوار، بخصوص فيلمٍ أحداثه بوليسيّة شائقة، يسلّط الضوء عن أن الدخول في دوامة الانتقام، لا مخرج منه مالم يتمّ كسر هذه الحلقة بالعودة إلى الإنسان الداخلي، وهو الآن قيد تصوير المشاهد الأخيرة منه، كما خضت تجربة كتابة نصٍّ مسرحيٍّ اسمه (شمس أسيل)، سيعرض قريباً إن شاء الله، على مسرح مديرية المركز الثقافي، وقد استمتعت بكتابة هذا النوع الآسر من الفنون الأدبيّة، أما بخصوصِ تحويل الرواية للتلفزيون، فإن رواية (ليس الأمر كما يبدو) تتلهّف للخروجِ من الورق، كي تطرق أبوابَ المشاهدين بأحداثها وأسرارها ومفاجآتها، وتُعرض على شاشات التلفزة».
نعاود سؤالها، عمّا إذا كانت تشعر بتعارضِ مهنة المحاماة مع الكتابة؟، فيكون ردّها:
«المحاماة رسالة، جوهرها حماية حقوق الغير، ولا تتعارض مع الكتابة، فكلاهما ينبعُ من نبع الإنسانيّة الغزير، ويصبان في المجرى ذاته، من نور ورحمة وإنصاف، وأنا فخورة بكوني جزءاً من هذه المنظومة السامية، بيدٍ أرفعُ راية الحقّ، وبالأخرى القلم الأدبيّ.
في زمننا الحالي، طغى الفضاء الأزرق على كلّ الفنون المدونة والمكتوبة، لكن لننظر إلى الأمر من ناحية إيجابيّة، لقد باتت إمكانية الانتشار أكبر وأيسر من ذي قبل، وبإمكان الكتّاب الجُدد، الاستفادة من التقنيات الحديثة خير استفادة، ويبقى طبعاً للكتاب قدسيّة خاصة، ومتعة لا تضاهيهاّ أي متعة، إن كلّ ما علينا فعله، ككتّابٍ جُدد، أن نستمر بالعطاءِ وتقديم الأفضل، بأسلوبٍ راقٍ وبسيط، بعيداً عن التكلّف، يفتح آفاقاً جديدة ممتعة للقارئ، الذي يحاول أن يخطف من الزمنِ ساعة كي يقرأ كتاباً، يخفّف عنه ويسليه، ويرتقي بفكره، ويغذّيه بالحكمة.
ننتقل إلى شخصيّتها، إلى الإنسانة فيها، رغبةً منّا بمعرفة إلى أين تمضي في إرادتها وطموحها، بل وأحلامها التي تصحو على قولها:
«أؤمن بقيمة الإنسانية، وأن الأرض أشبه بمحارةٍ كبيرةٍ تسبح في هذا الكون الفسيح، والإنسان هو اللؤلؤة الحقيقيّة التي تسكن هذه المحارة، فهو يشارك في صنع مستقبله، بما يملكه من وعيٍ وإرادةٍ وتصميم، ما يمكّنه من تطويع حياته كما يريد، وتحقيق أحلامه وتطلعاته، وأعتقد أنه حينما يفشل الإنسان ليس لأنه لم يستطع، بل لأنه لا يريد.
لكلٍّ منا أحلامه على الصعيد الشخصيّ والمهنيّ والإنسانيّ، شغفي يكمن بالكتابة، على اختلاف أنواعها، ويطلق العنان لطموحاتٍ كثيرة، لكنَّ الدخول إلى عالمِ الدراما وكتابة السيناريو والحوار، هو أكثر ما أتطلّع إليه في الوقت الحالي».
نشاطها في العمل الإنسانيّ، آخر ما توقّفنا عنده، لتختم وهي الموجودة فيه، وبصوته:
«أجد سعادتي في سعادة من حولي، فالحبّ والرحمة من أرقى المشاعر التي تجلب الطمأنينة للقلب والنفس، حالياً أنا عضو في (الجمعية الخيرية السورية للأورام)، التي تقدّم الدعم النفسيّ والطبيّ للمصابات، وأيضاً عضو في (جمعية الأمل)، التي تُعنى بتأهيلِ الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة، لمساعدتهم على الاندماج في الحياة المجتمعيّة.
الطفل بشكلٍ عام، من أولى اهتماماتي، لأن الأطفال كالبذور، متى غُرست في البيئة الصحيحة، وتلقّت العناية والرعاية، نمت لتصير شجرة قويّة الجذور، تطرح الخير الوفير، وقد تناولت في روايتي هذا الجانب، ووصفت مشاعر طفلٍ صغير اضطرّته الظروف القاهرة، للنزولِ إلى الشارع وتجرّع الغصّة والويل، ونظرات الناس الباردة، لذا لابدَّ من تسليط الضوءِ على هذه الظاهرة الخطيرة، والعمل على الحدِّ منها.
الأطفال هم المستقبل، والبناة الحقيقيون، وكلما اعتنينا بهم، أشرقت شمس الأوقات السعيدة علينا، ونشرت أشعة الفرح على الحياة».
التاريخ: الثلاثاء15-6-2021
رقم العدد :1050