الثورة اون لاين – عبدالمعين زيتون:
يفتح القرار الصادر عن رئاسة مجلس الوزراء في الجمهورية العربية السورية أمس (اعتبار يوم ال 16 من كانون الأول من كل عام يوما وطنيا للتشجيع على القراءة في مرحلة الطفولة المبكرة بهدف ترسيخ ثقافة العلم والمعرفة و تطوير قاعدة الطفل اللغوية والمعرفية)- يفتح آفاقا لمزيد من التأمل والعمل بآن معا في قضية تربوية على غاية من الأهمية يتداخل فيها الفعل الاجتماعي مع الفعل الثقافي والتربوي إلى حد بعيد..
والقرار بحد ذاته يعد إنجازا رائدا يسجل للجهات التي اشتغلت عليه وإلى أن صدر يوم (16 حزيران 2021)
ونعتقد أن هذا القرار أشبه بنداء مهم لا تقف المسؤولية في سماعه والاستجابة إليه عند المؤسسات التربوية والثقافية وحسب بل يتعداها – وهنا بيت القصيد-يتعداها ليصل صداه إلى الأسرة والمجتمع كأساس للوصول به إلى غاياته وأهدافه النبيلة لأنه يخلق – على المدى البعيد – جيلا واعيا ومبدعا وبمعنى آخر خلق جيل جديد نعوّل عليه أن يكون الحامل الحقيقي لمجتمع معافى من أوبئة الجهل والتخلف.
جيل جديد يتخلص من أمراض اللامسؤولية والاستهتار لينمو بدلا منها الإحساس بالقيمة والوطنية والإحساس بأن الوطن يحتاج اليه وإلى مجهوداته بالقدر نفسه الذي يشعر به بأنه بحاجة إلى هذا الوطن أيضا.. وتبقى الأسرة هنا الأساس الحقيقي لخلق مثل هذا الجيل النجيب فالأبوان القارئان في الأسرة يدفعان بالتأثر الطفل الذي يعيش معهما إلى القراءة والعكس صحيح غالبا.. والأسرة التي تحرص على أن تشتري الكتاب لأبنائها بالقدر نفسه الذي تحرص على شراء البنطال والقميص والحذاء هي الأسرة التي تضع أبناءها على بداية الطريق الصحيح لنشوء وخلق مثل هذا الجيل..
لقد حرص الأبوان في أسرنا – لاسيما في ظروفنا الاجتماعية والاقتصادية الراهنة – أشد الحرص على توفير (لقمة العيش لأبنائهم) ..
وعلى أهمية الأكل والغذاء واللباس والحرص على توفيره للأبناء لكن ثمة احتياجات لا تقل أهمية عن الأكل واللباس في حياة الأطفال.. الكتاب واحد من هذه الاحتياجات..
وزيارة المكتبات والمتاحف والنوادي والمراكز الثقافية أنشطة يحتاجها الطفل مثلما هو بحاجة إلى الترفيه والرحلات والنزهات وارتياد المطاعم و غيرها
فالكتاب قيمة..
والكتاب بيئة للوعي والفهم..
وكل ما يتصل بالكتاب فعل تربوي مهم، و المعرفة والثقافة مناخ صحي حقيقي لأن من واجب أسرتنا السورية اليوم أن تشعر أنها بأمس الحاجة إلى أن تنقل أبناءها إلى مثل هذا المناخ لأنه الوضع الإيجابي المنتج لجيل واع نتطلع إلى نشأته وإعداده.
وربما نجد من يستهجن هذا الرأي اليوم بحجة الظروف المادية الضاغطة ولكن لابد من أن ندرك أن تربية الأبناء لا تقتصر بالحرص على تقديم لقمة العيش لهم على أهميتها لأن هؤلاء الأبناء ليسوا خرافا في بيوت آبائهم بل هم الجيل الذي يحمل تطلعاتهم وآمالهم ومستقبلهم ويتحمّل أيضا تطلعات وآمال الوطن ومستقبله المشرِّف.
وإذا تعثرت الكثير – ربما – من الأُسر في أوضاعنا الراهنة اتباع هذا الأسلوب التربوي الفاعل المنتج..
فإن مجتمعنا يمتلئ اليوم أيضا بالأُسر القادرة على إدراك الأهمية البالغة لشراء الكتاب والاعتياد على القراءة إذا كنا نريد بالفعل أن نمارس عملا تربويا حقيقيا و مثمرا.