الثورة أون لاين :
رغم ادعاءات الولايات المتحدة الزائفة حول حرية التعبير والإعلام تواصل واشنطن في حالة انفصام باتت واضحة للعالم سياسات الهيمنة والقرصنة واستباحة الحقوق بذرائع واهية خدمة لأجندتها السياسية والتي كان آخرها الاستيلاء على 36 موقعاً لوسائل إعلام إيرانية وعراقية تنتهج ثقافة المقاومة وتقف مع الشعب الفلسطيني لاستعادة حقوقه من كيان الاحتلال الإسرائيلي الغاصب.
عمليات القرصنة التي تقوم بها الولايات المتحدة بذرائع مختلفة ما هي سوى تأكيد على أنها لا تتوانى عن ضربها عرض الحائط بكل الشعارات الرنانة التي تتغنى بها منذ عقود للحريات العامة وحرية الرأي والإعلام خدمة لسياساتها الاستعمارية ودعماً لربيبتها “إسرائيل”.
هجوم الولايات المتحدة الأمريكية وقرصنتها مواقع الكترونية من خلال تحكمها بالخوادم المشغلة لها على نطاق الحوسبة السحابية بالرغم من خطورته يطرح العديد من إشارات الاستفهام المريبة حول الأعطال التي تصيب خوادم الحوسبة السحابية فجأة تحت عذر “خطأ فني” كالتي أصابت العديد من وسائل الإعلام الأوروبية والأمريكية مؤخراً.
وفي هذا السياق كانت توقفت فجأة خدمات الحوسبة السحابية عن عدد من المواقع الإخبارية العالمية مثل الغارديان البريطانية وبلومبيرغ ونيويورك تايمز والعديد من خدمات أمازون الإخبارية والـ “سي ان ان” واللوموند الفرنسية دون تحديد السبب أو تقديم توضيح من شركة فاستلي الأمريكية لخدمات الحوسبة السحابية.
ما تقوم به واشنطن لتوسيع هيمنتها على عالم الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي من خلال الحوسبة السحابية بات يثير هواجس ومخاوف الشركات والمؤسسات التي تعتمد في عملها بمختلف قطاعاته على تلك الخدمات ولا سيما أن أربع شركات أمريكية تحكم البنية التحتية السحابية في العالم وفق دراسة صدرت هذا الشهر عن مجموعة “سينرجي” للأبحاث.
الهواجس أصبحت تتجه نحو ماهية تلك الأعطال التي على الغالب تتزامن مع أحداث سياسية أو اقتصادية معينة وهل هي صحيحة أم أنها تندرج تحت مسمى “القرصنة المقنعة” لتحقيق أهداف تخدم السياسة الأمريكية على الصعيدين السياسي والاقتصادي وخاصة مع الدول والمؤسسات التي تتعارض سياستها معها ولا سيما أنها تسبب خسائر بالمليارات على الصعيد المادي وتؤدي لضعف في الجدار الأمني المعلوماتي للشركات المتضررة.
صحيفة الغارديان البريطانية رأت في تقرير لها نشر مؤخراً أن الخلل الذي يصيب نظام الحوسبة لا تقتصر أضراره على مناطق جغرافية صغيرة بل تمتد إلى مساحات جغرافية واسعة على امتداد العالم ما يتطلب تسليط الضوء على احتكار هذه الخدمة من قبل شركات محدودة تدير البنية التحتية للمحتوى الإعلامي على مستوى العالم لافتة إلى أنه في عام 2012 أدى خلل فني لمجموعة خدمات “أمازون ويب” إلى تدمير عدد كبير من المواقع الإلكترونية حول العالم ملحقاً خسائر مالية كبرى.
مصطلح الحوسبة السحابية يشير إلى المصادر والأنظمة الحاسوبية المتوافرة تحت الطلب عبر شبكة الإنترنت والتي تستطيع توفير عدد من الخدمات الحاسوبية المتكاملة من توفير مساحات لتخزين البيانات والقيام بعمليات النسخ والطبع والمزامنة إضافة إلى مقدرتها على عمل معالجات رقمية دون التقيد بالموارد المحلية.
ولعل ما يزيد من مخاطر هذه الخدمة هو التحول الكبير للشركات الكبرى وربط خدماتها بها وبالتالي تصبح مصالحها تحت رحمة هذه الخدمة المسيسة الأمر الذي عبرت عنه دراسة نشرتها شركة “كاناليس” المتخصصة عن حجم تلك المخاطر من خلال ما تنفقه دول العالم عليها حيث قالت إنه “بلغ إنفاق الحكومات والمؤسسات العالمية قرابة 41.8 مليار دولار خلال الربع الأول من عام 2021 أي بزيادة سنوية قدرها 35 بالمئة عن عام 2020” معتبرة هذا الرقم قياسياً مقارنة بالأعوام السابقة مع توقعات بأن يصل الرقم الى 120 مليار دولار مع نهاية العام الحالي.
نائب رئيس مجموعة “اي دي سي” ريتشارد فيلرز حذر من أن السحابة ستلعب دوراً أكبر بل وستهيمن على صناعة تكنولوجيا المعلومات في المستقبل القريب وذلك وفقاً لموقع “كلود تك” المتخصص بالسحابات.
ولعل ما يكرس تلك المخاوف هو ضعف الجدار الأمني المعلوماتي للشركات حسب ما شهده الربع الأول من هذا العام من خلال حدوث أعمال قرصنة على هيئات دولية ومؤسسات حكومية كان آخرها ما أعلنت عنه شركة “توشيبا تك فرانس” بتعرضها لهجوم على إحدى برمجياتها بهدف سرقة بياناتها وتعرض اتحاد هاريس البريطاني التعليمي في آذار لهجوم أدى إلى تعطيل الأجهزة والأنظمة والبريد الإلكتروني لجميع الاكاديميات الثانوية والابتدائية الخمسين التي يديرها.
ورغم اتجاه العديد من الدول الى إنشاء سحابات خاصة لتفادي الاختراق والقرصنة وسرقة البيانات لكن ذلك لا يغني عن الاعتماد على السحابات العامة ولا سيما أن السحابات الخاصة تعتمد فقط على الشبكات المحلية وبالتالي ينحصر عملها وخدماتها في الداخل بعكس السحابات العامة التي تتيح للمؤسسة الوصول إلى أكبر عدد من دول العالم وتوفير خدمات بأكبر سرعة لعملائها في العالم.