في مشهدٍ من فيلم أجنبي تقوم إحدى الشخصيات، بعد أن قرّرت تحقيق رغبتها بالسفر كآخر أمنية من عمرها، تقوم بوضع معظم أشيائها ومقتنياتها للعرض في فناءٍ خارجي لغاية وهبها لمن يحتاجها.
في مشهدٍ آخر، لكن واقعي هذه المرة، تقول فنانة اهتمت طوال عمرها بجمع القطع واللوحات الفنية، إنها ستقوم بمنحها لإحدى الصالات أو المتاحف الفنية.
مشهدان أعاداها إلى أحلامه التي تدركها دون أن تحتاج الاستماع إليه وهو يتحدث عنها. فثمة الكثير من التحف وقطع الأنتيك التي اختارها بعنايةٍ ورغبةٍ بعرضها في بيتٍ يصمّمه ويختار ديكوره بنفسه.. لطالما تمتّع بذوقٍ رفيع دائماً ما جعلها تستشيره حتى في الثياب التي تبتاعها.
نحيا طوال عمرنا ونحن نجمع أشياء لا ندري إن كان لدينا مزيدٌ من الوقت لاستخدامها أو الاستمتاع بها..
فالحياة كفيلةٌ بتبديل مصائرنا وفق هواها، في أوقات كثيرة.
هل نتحسّر على مقتنياتنا ومشترياتنا التي لم يسعفنا العمر بالاستمتاع بها.. أم على ما رافقها من أحلامٍ وأمنياتٍ ومخططات وُلدت معها وتشعبت حولها، كجزءٍ أجمل من عيشٍ نختاره أو توهمنا يوماً أننا اخترناه..؟
غالباً..
ما ترتبط تلك المقتنيات “المادية” بقيمتها “المعنوية” وما تخلقه داخلنا من شبكة تفاعلات إيجابية وطاقة حياة مبهجة..
وهذا بالضبط ما يجعلها ثمينةً بنظرنا، وربما لا تعوض.
يخطر لها أنه كم كان جميلاً لو أن كل ما نقتنيه من “ماديات” يوجد لدينا ما يقابله من “معنويات” أو “روحانيات”..
هل نسعى للعناية بمقتنياتها “الداخلية” غير الملموسة بقدر عنايتنا بنظيرتها من تلك الملموسة..
وهل ثمة من يهتم بأن يرث أحلامنا، أفكارنا، خواطرنا، وكل هاجس لاح يوماً بأفق وعينا..؟!
من تراه قادراً على حفظ مقتنيات مشاعرنا من حب وجمال..!
الوعي.. يكمن السر كله بالوعي.. ونظيره من لاوعي..
حسب إحدى الدراسات، لعله ليس بعيداً ذلك اليوم الذي يصبح به وعينا مخزناً على ذواكر إلكترونية يسهل تناقلها..
لن نخشى حينها ذاكرة مهيأة للنسيان.. بل وعياً لن يندثر بفنائنا.
فهل نشهد مزاداتٍ لبيع “الوعي” ونفائس الأفكار..!
رؤية – لميس علي